الملفونو أنور خوري

سوريا ـ حلب
من مواليد مدينة حلب عام 1969، نشأ في جوّ عائلي مميز، حيث كان والداه المرحومان الأستاذ بيير خوري والملفونيثو جورجيت بقال، يعملان في خدمة الكنيسة ومؤسساتها. وورث منهم هذه الروح التطوعيّة. بدأ مسيرته التعليمية في مدرستي الكنيسة، حيث أكمل الابتدائية في مدرسة بني تغلب الأولى وبني تغلب الثانية. بعد ذلك، انتقل إلى معهد حلب العلمي (الأميركان) حيث درس المرحلتين الإعدادية والثانوية. حصل على شهادة معهد متوسط زراعي، وبالرغم من تحصيله التعليمي في مجال الزراعة، اتجه إلى مجال تجارة الألبسة حيث يعمل حاليًا.


عدد صفحات المشاركة 10 صفحات (A4) .

 

السريان الرهاويون في مدينة تل أبيض

مقدمة

في بدايات القرن الماضي (القرن العشرين)، حيث كان العالم يشهد وقائع أزمات وتوتّرات وحروب متنقّلة تمتدّ من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه. فكانت الظروف الاقتصاديّة صعبة في مختلف مناطق العالم، وتفاقمت المشاكل بشكل تراكميّ ومتنام، ممّا أثّر بوضوح على جميع المناطق وشعوبها. كان لا شكّ في أنّ منطقة البحر الأبيض المتوسّط، وحوضها قد تأثّروا على نحو خاصّ بهذه الأحداث، بناء على ما كان يُعرف في العالم في تلك الحقبة من التاريخ.

من بين التأثيرات والنتائج الّتي نتجت عن كلّ هذا، كانت الهجرات الفرديّة والجماعيّة كسمة غالبة ونتيجة طبيعيّة لتلك الأحداث. ومن بين المجتمعات الّتي تأثّرت بهذا الواقع، كانت المجتمعات المسيحيّة السريانيّة المقيمة في مدينة أورفا (المعروفة أيضاً باسم الرها)، والّتي يُشار إليها في بعض الأحيان بمجتمع الأورفليّة أو مجتمع الرهاويّين.

كان هذا المجتمع يتمتّع بعمق إيمانيّ يعود إلى القدم. ونتيجة لتلك الظروف المذكورة سابقاً، اضطرّوا إلى التنقّل والهجرة من مدينتهم جنوباً نحو الأراضي السوريّة. استقرّ بعضهم في مدن كبيرة مثل حلب، والبعض الآخر في الرقّة، بالإضافة إلى آخرين استقرّوا في القرى والمناطق المختلفة بأحجامها ومواقعها. ومن بين السكّان المقيمين في مدينة تلّ أبيض، التابعة لمحافظة الرقّة، يوجد أفراد من أهلنا، أعضاء المجتمع المسيحيّ السريانيّ الرهاويّ.

 

الهجرة إلى تل أبيض

كما ذكرت سابقاً، نتيجة للظروف المذكورة، اضطرّ أبناء كنيسة الرها السريانيّة لمغادرة أرضهم والبحث عن أرض جديدة توفّر لهم المزيد من الأمان، وتبعدهم عن الحروب والدمار والمشاكل في تلك المنطقة. بعضهم اختار التوجّه إلى مدينة صغيرة تدعى “تلّ أبيض”، حيث استقرّوا فيها مؤقّتاً ليتابعوا رحلتهم في الهجرة، وهناك من استقرّ في المدينة بأمل العودة؛ بسبب قربها من أورفة (الرها). وبقي البعض الآخر، واستقرّوا في هذه المدينة الصغيرة على نحو دائم كمستوطنين فيها مع عائلاتهم.

 

الارتباط بالكنيسة

على مرّ الأزمنة، كان الشعب السريانيّ الرهاويّ مرتبطاً ارتباطاً روحيّاً ووجوديّاً وثقافيّاً ووجدانيّاً بالكنيسة. وللغة الكنيسة أهمّيّة كبيرة بسبب عدّة عوامل، بما في ذلك طبيعة الشرق المتديّن والقرب من السماء. ونظراً لأنّ اللغة الكنسيّة هي اللغة الّتي تحدّث بها السيّد المسيح، كان من الطبيعيّ نقل ثقافته الكنسيّة إلى أيّ مكان يصلون إليه، وحمل إيمانهم العميق والموروث والأمين. وعند وصول العائلات إلى مدينة تلّ أبيض، كانت أوّل خطوة يتّخذها المؤمنون هي بناء كنيسة في هذه المدينة الصغيرة، ثمّ تأتي كنيسة أخرى (سريان أرثوذكس – سريان كاثوليك) الّتي تجمعهم وتكون نواة لمجتمع يعوّض المجتمع الّذي تمّ تركه والّذي هاجروا منه.

 

المهن والتجارة والصناعات الحرفية

كان معظم الأشخاص الّذين وصلوا إلى تلّ أبيض يمتلكون مهناً وتجارة، بالإضافة إلى الصّناعات الحرفيّة واليدويّة. عند وصولهم، استمرّوا في ممارسة مهنهم وعملهم، إلّا أولئك الّذين فقدوا كلّ شيء، وجاؤوا وليس لديهم سوى رحمة السماء وإيمانهم بالبدء من جديد. وفعلاً، بدأت العائلات العمل والاستقلاليّة وإقامة أعمال جديدة وفقاً لإمكانيّاتهم. قاموا بالتجارة البسيطة والزراعة، حيث تعتبر تلّ أبيض منطقة خصبة، وتتمتّع بأراض مناسبة لزراعة مختلف أنواع المحاصيل. بمرور الوقت، بدأت الأعمال تزدهر تدريجيّاً في مدينة تلّ أبيض، وأصبحت المدينة تحظى بمكانة اقتصاديّة جيّدة، واستطاع المهاجرون من الاندماج في المجتمع الجديد والتعايش مع أهالي المنطقة، بما في ذلك أفراد العشائر العربيّة الكريمة الّذين استقرّوا في تلك المنطقة. وقد نظروا إلى أبناء الكنيسة السريانيّة المهاجرين بعين المحبّة والتآلف، وكانوا داعماً قويّاً لهم في هذه المحنة، حيث تعامل الجميع كأخوة، ممّا ساهم في تشكيل مجتمع طيّب وجميل ومنتج.

فيما يتعلّق بالزراعة، فقد انخرط أبناء شعبنا في هذا المجال إلى حدّ بعيد. تعلّموا قيمة العمل والزراعة من تعاليم الكنيسة، وكانوا يؤمنون بأنّ العمل الصالح هو خدمة للوطن أيضاً. استفادوا من خصوبة المنطقة ووفرة المياه في تلّ أبيض للمشاركة في أنشطة الزراعة. من بين الشخصيّات الملهمة في هذا المجال هو السيّد “بشير قفاف” الّذي عمل في مجال الزراعة لسنوات طويلة.

في مجال الصناعة والمهن الصناعيّة والتجارة، كان لدينا أفراد متميّزون يعملون بنشاط في هذه المجالات. كانت السيّدة لطيفة بالجي تمتلك كازية للمحروقات، وكذلك الأستاذ بيير عبد المجيد خوري الّذي كان يعمل في مجال تجارة المحروقات في وسط المدينة. وأيضاً، السيّد لطفي موسى كان يمتلك ويعمل في كازية المحروقات.

أمّا في مجال التجارة، فكان لدينا السيّد زكي عبد المجيد خوري الّذي كان يعمل في التجارة، وكان معروفاً ومشهوراً. وكان السيّد جان خوري وأبناؤه يعملون في تجارة المحرّكات الزراعيّة لسنوات طويلة. وكان الأخوّة الآخرون سامي ونوري معروفين بمهارتهم في صيانة المحرّكات الزراعيّة. هؤلاء الأشخاص وغيرهم كانوا جزءاً من المجتمع النشيط والمنتج في تلّ أبيض، حيث كانوا يساهمون في تطوير الاقتصاد المحلّيّ وتوفير فرص العمل للمجتمع المحلّيّ.

في مجال الوظائف العامّة، شارك أفراد كنيستنا في تلّ أبيض بنشاط في هذا المجال. السيّد عبد الغني مقديس كان يعمل في بلديّة البلدة، وكان معروفاً بمعرفته وإتقانه في عمله. وكان ابنه السيّد المهندس سمعان مقديس وابنه جورج يعملان كموظّفين في شركة الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، السيّد أديب حدّاد كان يعمل في المكان نفسه. وكان السيّد المهندس إسكندر ترزي أيضاً من المشاركين في الوظائف العامّة.

وبالنسبة إلى السيّد جرجي حدّاد (أبو أديب)، كان يمتلك فندقاً في السوق، وكان معروفاً ومشهوراً في ذلك الوقت. هؤلاء الأفراد وغيرهم كانوا يساهمون في تلّ أبيض، من خلال تأدية وظائفهم في القطّاع العامّ، وكانوا يحظون بسمعة جيّدة وتقدير من المجتمع المحلّيّ.

كما اشتهر في مجال الزراعة العمّ يعقوب أجي، الّذي كان معروفاً في هذا المجال لفترة طويلة؛ بسبب إتقانه ومثابرته في عمله، ولقد حظي بسمعة طيّبة في مجال عمله. وقد انضمّ له في البداية ابنه جان (عفيف)، ثمّ انتقل للعمل في مجال تجارة الأجهزة
الزراعيّة، وحقّق نجاحاً كبيراً في هذا المجال. بشكل عامّ، يمكننا التعرّف على كيفيّة تفاني وإخلاص أبناء كنيستنا، وكيف أصبحوا محبوبين في مجتمعهم الطيّب من خلال وجود صلات وعلاقات طيّبة ومشهود لها في المجتمع بأكمله.

 

الناحية الكنسيّة والإيمانيّة

كان الارتباط بالكنيسة قويّاً، وكان هناك شمّاسان قديران، أحدهما العمّ يعقوب أجي والآخر السيّد عبد المجيد خوري. وكان الكهنة يأتون من مدينة حلب لتقديم القدّاسات، حيث كان الارتباط الكنسيّ تابعاً لمطرانيّة حلب للسريان الأرثوذكس. وعلى مرّ السنين، عندما انتقل أبناء الرعيّة إلى مدينة حلب، تمّ إغلاق الكنيسة السريانيّة في تلّ أبيض، وأصبحت القدّاسات السريانيّة تقام في كنيسة الأشقّاء الأرمن خلال المناسبات الدينيّة وزيارات الآباء الكهنة. وفيما يلي قائمة رعيّة الكنيسة السريانيّة الرهاويّة الّتي كانت تقطن في تلّ أبيض:

جادّة الكنيسة:
عائلة شمعون مقديس: ابنهم عبد الغني شمعون، يعمل كموظّف في بلديّة تلّ أبيض.
أبناؤهم :. المهندس سمعان مقديس، جورج مقديس، سمير مقديس، جميلة مقديس، جانيت مقديس.

جرجي قفاف:
هو مالك طاحونة في تلّ أبيض. زوجته تدعى زكيّة شامو جرجي.
أبناؤهم: بشير قفّاف زوجته أنجيل طحّان، نوري قفّاف زوجته فلورا دكرمنجي، جميلة قفاف زوجة بشير بيشار، أوديت زوجة كيراكوس صبّاغ، اميله زوجة جورج ياندم، نعيمة زوجة وهبي كسّاب.

بطرس بالجي:
هو بائع محروقات. زوجته تدعى لطيفة بيدروس،
ولديهما ابنة تدعى سميرة بالجيّ.

حبيب جنجل. أبناؤه:
بهجت جنجل، توفيق جنجل، شفيق جنجل.

عبد المجيد بيدروس خوري (شامو) – (نجّار):
زوجته الأولى: بهيّة بقّال وأولادهما:
دوكتي عبد المجيد خوري. بيير عبد المجيد خوري: هو صاحب كازية محروقات في تلّ أبيض، وكان أيضاً أستاذاً للّغة العربيّة في معهد حلب العلميّ. زوجته تدعى الملفونيثو جورجيت بقّال.

زوجته الثانية: شاكّه شخردميّان أبناؤهم:
جان عبد المجيد خوري (تجارة وتصليح محرّكات زراعيّة)، زكي عبد المجيد خوري (تجارة قطع زراعيّة)، سامي عبد المجيد خوري (صيانة محرّكات زراعيّة)، أنور عبد المجيد خوري (صيانة وإصلاح معدّات زراعيّة).

جورج بيدروس قولطقجي (شامو) حلّاق. أبناؤه:
بيدروس قولطقجي (شامو)، ليزا قولطقجي زوجة جورج جبلي، سلمى قولطقجي زوجة إلياس بصمه جي.

عائلة إسكندر حنّا إسكندر. أبناؤه:
حنّا إسكندر (ترزي)، مريم إسكندر (ترزي).
عائلة أجي (يعقوب أجي) مزارع.
أبناؤه: سميرة أجي، جورج أجي، مارسيل أجي، فيوليت أجي، نبيل أجي، جان (عفيف).

ميخائيل موسى.
أبناؤه: بطرس موسى، لطفي موسى، جوزفين موسى، أديبة موسى.
عائلة جبليّ:
جورج جبليّ، شكري جبليّ.

عائلة بالقجي

عائلة زكيّ مرقص.
أبناؤه: مارك مرقص، ذكاء مرقص.

يعقوب كلور (أروش)، زوجته زكية جيجاك. أبناؤهم:
عبد النور كلور، فهمي كلور، زكي كلور.

جرجي حداد (صاحب فندق). أبناؤه:
أديب حداد، فيوليت حداد، وداد حداد.

إبراهيم بصمه جي. أبناؤه:
كبرئيل بصمه جي، أوجيني بصمه جي، جوزفين بصمه جي، ماجد بصمه جي.
أمل بصمه جي، جوزيف بصمه جي، جورج بصمه جي.

يعقوب كلور (أروش)، زوجته زكيّة جيجاك. أبناؤهم:
عبد النور كلور، فهمي كلور، زكي كلور.

جرجي حدّاد (صاحب فندق). أبناؤه:
أديب حدّاد، فيوليت حدّاد، وداد حدّاد.

إبراهيم بصمه جي. أبناؤه:
كبرئيل بصمه جي، أوجيني بصمه جي، جوزفين بصمه جي، ماجد بصمه جي. أمل بصمه جي، جوزيف بصمه جي، جورج بصمه جي.

في الختام، أودّ أن أعبّر عن امتناني العميق للسيّد زكي عبد المجيد خوري الّذي قدّم لنا الدعم القيّم من خلال توفير المعلومات الضروريّة. كما أشكر الدكتور منصور قريو على دعمه التقنيّ، بالإضافة إلى جميع الأفراد الّذين شاركوا معي في إعداد هذا البحث المصغّر. آمل أن يكون لهذا العمل إضافة قيّمة، تُسهم في إثراء الكتاب التوثيقيّ “من هجرة إلى هجرة”.

 

 

رحلة كشّاف كنيسة مار جرجس إلى تلّ أبيض، وكانت في استقبالهم عائلة الأستاذ بيير عبد المجيد خوري في مطعم عين العروس عام ١٩٧٦

 

عائلة الأستاذ بيير عبد المجيد خوري وزوجته الملفونيتو جورجيت بقّال وابنتهم بهاء وإخوته سامي جان نوري، مع الوالدة الجدّة شاكه شخردميان

 

صورة عائلية لأسرة الخوري في تلّ أبيض

 

المرحوم زكي خوري، مصدر المعلومات التي تتعلّق بجميع العائلات وأعمالهم في تلّ أبيض.

 

error: