الملفونو ريمون جرجي

فيينا ـ النمسا
raymond.gergi@gmail.com
بكالوريوس اقتصاد من جامعة حلب. كاتب ومحاور سابق في الصحافة الإلكترونية. أمين سر المجلس الملي لمرعيث مار جرجس 2012-2015. عضو اللجنة البطريركية لمتابعة قضية اختطاف المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم.

عدد صفحات المشاركة 84 صفحة (A4) .

قليل من الذاكرة .. كثير من الوجدان
عن أحوال حلب.. وحي السريان

 

تنويه:

“قليل من الذاكرة وكثير من الوجدان عن أحوال حلب وحي السريان” هو عنوان مشاركتي ضمن كتاب ” من هجرة إلى هجرة” الذي يصدر بمناسبة مرور مائة عام من الهجرة الأولى عن مدينة الرها، أتمنى اعتباره عنواناً دائماً عند قراءة كل تبويب فرعي فيه أو فقرةً جانبية ترد ضمن هذا الكتاب، ولا يصح استقطاع أي جزء أو سطر أو فقرة منه إلا مع هذا العنوان الوجداني، ولا يُستوفى معنى أية معلومة ترد هنا إلا بعد الاستئناس بهذا العنوان.

مقدمة:

انضوت رعية كنيسة مار جرجس للسريان الأرثوذكس بحلب والتي تسكن غالبية عائلاتها في حيي السريان القديم والجديد في مدينة حلب السورية مع إخوتهم رعية كاتدرائية مار أفرام، تحت رعاية أبرشية حلب للسريان الأرثوذكس 1 التي عَرفت خلال تاريخها سنوات من العطاء والتألق وخصوصاً خلال عهد راعيها نيافة الحبر الجليل المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، متروبوليت حلب لمدة 34 عاماً منذ تاريخ رسامته في الرابع من أذار (مارس) 1979 حتى يوم اختطافه 2 بينما بقيت الأبرشية حوالي التسع سنوات في ظل رعايته الروحية. وكانت الأبرشية العامرة قد نظمت أحداثاً وجدتُها متميزة لأذكرها هنا بهدف التوثيق، لأن مرعيث مار جرجس قد شارك وساهم في أغلب أحداث الأبرشية أيضاً.
أوثق هنا تفاصيل وظروف حقيقية حول ما عاناه المجتمع السرياني الحلبي خلال سنوات الحرب والدمار، التي طالت تباعاً أغلب مدن ومناطق سوريا التي بدأت في آذار(مارس) 2011، ثم وصلت إلى حلب، وأكتب عن تأثير هذه الأزمة على الرعية والشعب في حي السريان مع محيطه الحلبي، وانعكاساتها على الكنيسة ونشاطاتها وكذلك تأثيرها حول مكان مطرانية أبرشية حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس في حي السليمانية.
ومع علمي بأن الأحداث التي سأسردها هنا قد تكون مؤلمة وحزينة للبعض وخصوصاً لمن عاشها، لأنها قد تعيد تذكير القارئ بأحداث سبق أن عاشها، وأصبحت اليوم في البال خيالاً كاد أن ينساها، أو قد تكون غير مهمة للبعض الآخر، لكن هدفي من ذكرها هنا هو توثيق أحداث فعلية وقعت، وليس تسجيل مواقف لا يرتجى منها شيئاً، لابد للأجيال أن تقرأ لتعرف وتتفهم، الظروف التي حدثت للشعب السرياني الذي كان يسكن في حي السريان، وكيف دفعته هذه الظروف إلى هجرة جديدة.

وبعد أن تعرضت حلب لأهم حدث ترك أثراً في مسيرة الأبرشية السريانية الحلبية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم وسبب جرحاً لازال ينزف دماً وينبض ألماً في قلوب الكثيرين، ألا وهو الاختطاف الذي تحول إلى “تغييب قسري” لراعي أبرشية حلب للسريان الأرثوذكس نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم المغيب منذ أكثر من عشر سنوات 3 دون التأكد من مصيره رغم وجود دلائل وإشارات مقنعة ومشجعة تدل على أنه حي سيكشفها المستقبل ويسجلها التاريخ!! وأسرد أيضاً أحداث اليوم الذي سبق عملية الخطف، ثم أركز على جانبين اثنين من قضية الخطف ألا وهما: اللحظات الأولى في يوم الخطف عبر شهادات من حضروها، لنعرف ما حصل فعلاً، وثانياً بعض القرارات والنشاطات المتعلقة بمتابعة التغييب. وأهميتها في تاريخ ومسيرة السريان الأرثوذكس في حلب، وأترك التفاصيل الكثيرة والعميقة التي حدثت خلال هذه السنوات العشرة للمستقبل.

كما وجدتُ أنه من المهم جداً الكتابة عن الاجتماعات المشتركة للمجلسين المليين لكاتدرائية مار أفرام ومرعيث كنيسة مار جرجس 4 التي انعقدت بشكل طارئ فور تغييب واختطاف مطران الأبرشية.
وعلى أمل أن تكون هذه المشاركات القيمة في هذا الكتاب للآباء الكهنة والملافنة والسيدات والسادة والأصدقاء سنداً مهماً للأجيال القادمة وللباحثين عن أخبار الرهاويين من هجرتهم الأولى إلى هجرتهم الثانية التي نعيشها الآن بينما تمر ذكرى مئوية الهجرة الأولى لسريان الرها(أورفا) تزامناً مع إصدار هذا الكتاب الذي تقرأه الآن.
ويبقى السؤال الأكبر الخطير الكثير التداول الذي يطفو عند كل أزمة أو مواقف صعبة حتى يُعاد طرحه وتداوله على كل لسان ألا وهو السؤال الذي غالباً ما حذر منه رؤسائنا الروحيين مثل المطران يوحنا إبراهيم والبطريرك مار أفرام الثاني 5 وغيرهم من رجالات الكنيسة وكذلك الأدباء والمفكرين، الذين تناولوا دائماً السؤال المطروح نفسه حول مستقبل المسيحيين في المنطقة، هذا السؤال هو: “هل سيهاجر مسيحيي الشرق؟ وهل ستفرغ منطقتنا يوماً من المسيحيين؟

 

تحذيرات المطران يوحنا إبراهيم من إفراغ الشرق من المسيحيين

صورة 1: اللوحة من تصميم المهندس المعماري السرياني عمار ناجي سرسم حقوق الطبع محفوظة ©)

في الصورة أعلاه، يناظر المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس حزيناً على هذه الأديرة والكنائس والقرى السريانية التي فرغت من أناسها، بعينيّ الراعي الغيور المؤتمن والخائف من ضياع إرثها وحضورها وخسارة تاريخها، ولا شك أن (الرها 6 ، أديسا، أورفا) هي إحداها إن لم تكن أهمها لنا لأنها مسقط رأس أجدادنا، هذه المدينة المباركة التي فرغت تماماً من شعبها السرياني وتهجّر منها المسيحيين ومنهم الإخوة الأرمن إلى شتى أصقاع العالم قسراً قبل مائة عام من اليوم.
ومن حي السريان في حلب، هذا الحي الذي احتضن أكبر تجمع مكاني وعددي للشعب الرهاوي المهجر من الرها، بعد تسعين عاماً جددتْ مجموعات منه هجرةً جديدة ثانية لم تكن قسرية كما الأولى، لكنها ستترك أثراً كبيراً على الإرث الرهاوي المحفوظ لدى الأجيال المتعاقبة منه، فالترابط المجتمعي الذي لطالما وُصف به أهالي حي السريان بدأ في الذوبان.
من الطبيعي أن يبدأ الخوف من تناثر هذا الشعب، وانصهار هذا التراث الفريد ضمن المجتمعات الجديدة في بلدان شتى، هذا التراث الذي لطالما تغنى به الرهاويين متباهين بانفرادهم بالحفاظ عليه عن باقي إخوانهم من السريان الأرثوذكس المنتشرين في كل العالم.

 

أهم أسباب الهجرة الجديدة لأسر وأفراد رعية كنيسة مار جرجس

بدأت هذه الهجرة الجديدة عن حلب اعتباراً من العام 2012 بشكل خفيف، وأصبحت ظاهرة وكبيرة خلال العام 2014 إسوة بباقي أبناء المجتمعات المسيحية الشقيقة في حلب التي عاش السريان معها وبينها لسنوات طويلة، فقد عانت جميعها من الخوف والقلق نتيجة انتشار الدمار والقتل والخطف والإرهاب مع مصاعب الحصول على مستلزمات الحياة الضرورية كالماء، الكهرباء، الخبز والطعام، إضافة إلى عدم القدرة على تأمين وارد مالي لتحقيق مستويات الحد الأدنى من العيش الكريم.

وجد بعض أهالي حي السريان أنّ الهجرة حتمية فسعوا إلى السفر بأية وسيلة كانت، وتوجهوا إلى أوروبا، كندا، أميركا، أستراليا، وبشكل مؤقت إلى لبنان عبوراً إلى كل دولة كان فيها لهم أقرباء، وخاصةً إلى دول قدمت لهم فرص اللجوء الإنساني إليها عبر دور المنظمة الدولية للهجرة 7، ولهذا عاش أهالي حي السريان أياماً صادمةً حملت معها أخباراً يومية متجددة حول سفر عائلات أو مجموعات أو أفراد براً فقط.
بسبب خروج مطار حلب عن الخدمة آنذاك وحصاره الذي أدى إلى إغلاقه لأشهر وسنوات طويلة، حيث اضطرت بعض العائلات لعبور حواجز المسلحين المنتشرين على حدود محافظة حلب وريفها، فكانت النساء أحياناً ملزمة بتغطية شعر الرأس بحجاب تطبيقاً للقوانين الدينية التي فرضها المسلحون أو لإخفاءً حقيقة كونهم مسيحيين خوفاً من الخطف والابتزاز.

ربّما كان من أهمّ أسباب قرار الهجرة لدى بعض العائلات هو الخوف من خسارة الأبناء حال سوقهم للخدمة الإلزامية في ظل تلك الظروف التي كانت فيها الخدمة طويلة جداً امتدت أحياناً إلى فترات مفتوحة لا يُعلم متى تنتهي ليحصل التسريح، وقد زادت فترات الخدمة والاحتفاظ عن السبع سنوات أحياناً.

ترافق قرار الهجرة مع عدم قدرة الأهالي على تحمل تكاليف ومصاريف إعالة أبنائهم أثناء خدمتهم العسكرية شبه المجانية، إضافة إلى مخاطرها القاسية، بعد أن كانت الخدمة الإلزامية في سوريا ولجميع السوريين سابقاً طبيعية جداً وعادية قبل الحرب، فكان الخلاص للكثيرين إن “الهجرة هي الحل”، وهذا ما حصل فعلاً حيث هاجرت أسر وشباب وطلاب جامعيين خسرتهم كنائسهم الأصلية في وطنهم الأم ففرغت من شبابها، بينما كسبتهم الكنائس في الغرب وامتلأت مقاعدها! واستشهدُ بعبارات وجمل سبق للمطران يوحنا إبراهيم أن قال خلال مقابلة تلفزيونية 8 حول فراغ المنطقة من المسيحيين وعن الهجرة من المنطقة:

• ” لن تكون كارثة فقط ….. بل ستكون جريمة كبرى عندما تخلو المنطقة من المسيحيين لأن هذا الموزاييك الجميل، الذي نتغنى دائماً بالتعددية. عندما لا نرى مسيحياً في المنطقة، معناه إننا أصبحنا من لون واحد وهذا اللون الواحد لا يستطيع أن يعيش إلا مع نفسه فقط، هناك خطر وأن شيئا ما يحدث في المنطقة، وأن هناك مخططٌ رهيبٌ ومرعبٌ لتفريغ المنطقة من المسيحيين. أكثر من 600 قرية سريانية كانت موجودة في أراضي تركية بقي اليوم منها فقط 10 قرى حالياً”.

• “تخيلْ هذه القرى كان فيها كنائس، مدارس وشعب، اليوم لم يتبق منها أحد، مثل ما حصل في إيران، في العراق، فلسطين، لبنان، والتركيز اليوم هو على سوريا…أنا أشعر بقلق كبير على سوريا، على المواطنين السوريين المسيحيين أو المسلمين”.

• ” أنا أعيش مع الأحداث، خارجاً وداخلاً وأحضر المؤتمرات في كل أنحاء العالم وأسمع كثيراً، وأرى أن أمراً سيئاً يُحضر لسوريا ولهذا أنا قلق على سوريا وقلقٌ جداً على سوريا وعلى الوجود المسيحي في المنطقة، إن لم يحدث علاج سريع من قبل حكوماتنا أولاً ولم يتم نشر الوعي لدى إخوتنا المسلمين اليوم، فالمنطقة سوف تبكي يوماً على عدم وجود هذا التنوع والتعددية التي نتغنى بها”.

 

أوضاع مرعيث مار جرجس وأبرشية حلب خلال الحرب في سوريا

تصاعد وتيرة أحداث الحرب في حلب وانعكاساتها على حي السريان

بدأت الحرب في سوريا في منتصف الشهر الثالث من شهر آذار(مارس) 2011، وتصاعدت وتيرتها على حلب تحديداً خلال الشهر الثامن من العام 2012، ثم تزايدت خطورتها عبر حوادث وإشكالات أفقدت المدينة الأمان الذي عاشته، وجلبت معها الدمار والخوف وتزامن معها حدوث حركات نزوح إنساني إليها.
تأثرت أغلب مجتمعات المدينة ب بتداعيات الحرب وفق نسب متفاوتة بحسب المناطق، وانعكست آثارها على جميع أطياف المجتمع الحلبي، فتسلل الخوف إلى أحياء المدينة، مما دفع ذلك إلى وضع صخور كبيرة كحواجز لمنع اختراق الأحياء، مع نشر حواجز مسلحة لتفتيش السيارات والتقليل من عبورها بين الأحياء تحسباً من عبور السيارات المفخخة التي قد تستهدف الأحياء والمجتمعات والمباني الرسمية مع انتشار الشائعات المقلقة.
كما توقفت الكازيات عن بيع البنزين وبالتالي تراجعت حركة السيارات والتنقلات بشكل كبير وتوقفت سيارات الأجرة عن العمل وانتشرت ظاهرة بيع الوقود المهرب خارج الكازيات في الشوارع وعلى الطرق العامة، فأصبحت الطرقات فارغة إلا من العابرين والمشاة.

كما حُرم الرجال والحرفيون الذين يملكون محلات أو ورشاً أو يعملون في المنطقة الصناعية /الراموسة/ من الوصول إليها بسبب الحرب والمسلحين ووقوعها تحت الاشتباكات فيها أو في محيطها، فشكل ذلك ضغطاً اقتصادياً كبيراً نتيجة لانقطاع الدخل المادي وأصبحت أسر عديدة بلا دخل يعيلها، وازدادت المخاوف من سرقات ونهب المحلات والممتلكات التجارية هناك مع عدم القدرة على حمايتها، تأثر طيف كبير من الأسر في حي السريان من أصحاب المحلات في الراموسة، وازداد القلق والخوف على المرعيث ومؤسسات الكنيسة فتقرر إلغاء كافة الحفلات والنشاطات الاجتماعية والاكتفاء بممارسة الطقوس الدينية داخل الكنيسة، مع عدم إطالة القداديس المسائية، حتى يتسنى للمؤمنين العودة إلى منازلهم تحسباً من البقاء خارج المنازل ليلاً.
ثم تقرر إقفال أبواب المطرانية والكنيسة في الحي عند تمام التاسعة ليلاً، وبعد شهرين طُلب من إدارة مركز التربية الدينية إلغاء كافة الحفلات أو الرحلات الخارجية وحصرها داخل أسوار الكنيسة نظراً للظروف الأمنية، كما طلبَ راعي الأبرشية من الأهالي بضرورة توخي الحذر والوعي وصرح: ” بأننا أبناء هذا الوطن وأن الوطن هو أعلى سقف لنا ويجب ألا نسمح بفتنة وهناك فوضى فالمرحلة ليست مرحلة خلاف بين دينين وطالب الشعب بإعلام القيادات الروحية بأي حدث وعدم التصرف الفردي”.
ومع بداية شهر كانون الثاني(يناير) 2012 ونتيجة تزايد الخطر على الكنائس وأبنيتها الملحقة جرى تركيب كاميرات مراقبة حول كنيسة مار جرجس وأبواب المدرسة والباحة لأجل دوام المراقبة وتسجيل أية حوادث طارئة قد تقع لا سمح الله.
ونتيجة ازدياد الوضع الأمني انحداراً في حلب منتصف شهر شباط(فبراير) 2012، تقرر إلغاء جميع الأنشطة والاجتماعات العائلية للجان توخياً للحذر، تلاها إيقاف النشاطات بعد الساعة السادسة مساءً وتقرر وضع جنزير مانع لوقوف السيارات حول محيط الكنيسة والمدرسة بعد انتشار أخبار عن سيارات مفخخة تجوب مدينة حلب لزرع الفتنة واستهداف الأماكن الدينية، وأن الكنائس قد تكون مستهدفة لعمليات تفجير.

وبعد شهرين تقرر أيضاً إقفال باب الكنيسة الرئيس خلال احتفالات عيد القيامة قبيل خروج المصلين بعد انتهاء القداس مع إلزامهم بالخروج من باب باحة المدرسة الجانبي أو الخلفي، كما تم إلغاء الدورة الخارجية الطقسية خلال قداس عيد القيامة.
اعتبارا من 26 حزيران(يونيو)2012 تقرر إيقاف جميع النشاطات في مرعيث مار جرجس نظراً للظروف الصعبة والخوف على سلامة رعية الكنيسة وأسرهم.
تزايدت المخاوف والتحذيرات خلال شهر تموز(يوليو) 2012 خاصة بحق المجتمعات المسيحية، فكان منها التخوف من حدوث نزوح مسيحي من بعض الأحياء التي قد تتعرض لقذائف أو لحرب مباشرة من المجموعات المسلحة الإرهابية التي تحارب الدولة في مختلف أحياء المدينة، فجرى تشكيل لجنة طوارئ من قبل مجلس الطوائف المسيحية في حلب تحت مسمى “اللجنة المسيحية للطوارئ” وفيها ممثلون عن أبرشية السريان الأرثوذكس.

لوحظ خلال هذه الفترة نزوح غير اعتيادي إلى حي السريان من المناطق الشرقية، فتواجدت فئات اجتماعية كانت متميزة عن النسيج الاجتماعي لحي السريان حيث سكنت عوائل كثيرة في ورشات الخياطة والأقبية في حي السريان، واجتمعت أحياناً عدة عائلات نازحة ضمن سكن واحد في قبو أو ورشة داخل مباني الحي، ترافقت مع فتح الدولة أبواب المدارس الحكومية أمام النازحين وحولتها إلى مراكز لإيواء العائلات القادمة من الأحياء الشرقية المدمرة في حلب.
فأصبحت مدارس مازن دباغ وهدى الشعراوي وحسان الكيالي وعبد المنعم رياض المحيطة بأطراف حي السريان، مراكزاً للإيواء تقطنها مئات العائلات النازحة في ظروف معيشية صعبة لهم و لأسرهم، وكان من الطبيعي أن يعتمد هؤلاء الإخوة على التسوق من محلات وفرن و سوق الخضار في الحي مما شكل ذلك تغييراً اجتماعياً وديمغرافياً (ظاهرياً على الأقل) قلما عرفه أهل الحي خلال تاريخه الذي كان كل قاطنيه يعرفون بعضهم بعضاً إلى حد بعيد وهذا الجو الإنساني المقبول طبعاً بين الإخوة وأبناء المدينة، لكنه كان مؤشراً على الحياة الغير اعتيادية وحالة الطوارئ التي عاشها الأهالي.

لاحقاً جرت مناقشات مطولة جادة ومسهبة خلال الشهر الثامن من العام 2012، في حال تراجعت الأمور الأمنيّة، فحُددت النقاط وتم التنبيه بتوخي الحيطة والحذر وشرح أخطار الكتابة الإلكترونية على صفحات الفيس بوك كنشر بيانات أو معلومات أو كتابة تعليقات قاسية حيث كانت تُتابع من عناصر أو فصائل وكان النشر الإلكتروني يؤدي إلى نشر تهديدات شخصية للبعض من أهلنا متهمة إياهم بالعمالة أو التشبيح.
وكان أيضاً من الضروري نشر الوعي بشكل ودي، بين أصحاب تأجير العقارات كنوع من الاحتراز، من أجل التدقيق في عقود الإيجار والانتباه من تأجير المساكن لأناس قد يشكلون مصدر خطر على المجتمع المحلي بكامل مكوناته، وجرت مناقشات تطبيق سياسة الحماية الذاتية للمنشآت والشوارع مع نشر توعية لحالات الطوارئ بين الرعية مثل: تجهيز محفظة صغيرة لكل الثبوتيات والوثائق تحسباً للإخلاء العاجل في حال سقوط قذيفة أو وقوع هجوم مثلاً، و عدم ترك أبواب مداخل باحة الكنيسة والصالات مفتوحة، وتلافي التجمع في الشارع بعد القداس وعدم إطالة القداديس واختصارها إلى أقصى درجة ممكنة.

ثم انتشرت في حلب عمليات الخطف بهدف الابتزاز المالي لطلب فدية مالية، وكان لحي السريان نصيب من الخطف لعدة حالات وقعت لأبناء الرعية، و كان لتدخل المطران يوحنا إبراهيم في بعضها دوراً مباشراً وفاعلاً في حل بعضها، وأذكر لكم حالة واحدة فقط من تلك الحالات، وهي خطف السيد جورج بابي الذي اختُطف من مسلحين مرتزقة بمنطقة تفتناز في ريف حلب، ثم أُفرج عنه بعد دفع فدية مالية، فزاره نيافة المطران يوحنا إبراهيم مع أعضاء المجلس الملي بتاريخ 14 آب (أغسطس) 2012 للاطمئنان عنه.(للأسف استشهد جورج في حلب قرب فرن الرازي بعد عام تقريباً من حادثة الخطف هذه).

بسبب الظروف الأمنية ونتيجة لاستخدام المدارس الحكومية كمراكز لإيواء العائلات كما ذُكر سابقاً، توقفت الدراسة في أغلب مدارس حلب الحكومية والمدارس الخاصة البعيدة أيضاً خلال الشهر التاسع من العام 2012، ورغبة من راعي الأبرشية في عدم انقطاع مسيرة التعليم عن طلاب الحي، فوجّه مؤسسات الكنيسة للحفاظ على مستقبل الطلاب العلمي، و عرض فكرة تنظيم دورات مدعومة مالياً لصفيّ العاشر والحادي عشر أيضاً كما اقترح عمل دورات تحفيزية للطلاب، من أجل مساعدتهم في الحصول على حقهم في التعليم داخل مبنى مدرسة بني تغلب الثانية أو في المبنى القديم للمدرسة (المستوصف)، وهذا ما جرى حيث شُكلت لجنة للدورات تكفلت بتنظيم وإعداد والاتفاق مع أساتذة متميزين للدورات، ونجحت لجنة الدورات عبر إدارتها في تأمين دراسة بديلة، وقدمت دعماً تربوياً قوياً مع تنظيم دورات مساعدة أخرى، كان لها أثرا واسعاً على أبناء الرعية وأبناء الحي بشكل عام.
وبسبب توقف الأعمال والوظائف وارتفاع الأسعار وفقدان المواد الغذائية لاحقاً، ازدادت احتياجات الأسر للدعم والمساندة في تأمين مستلزمات الحياة من مواد أساسية، بدأ مكتب الإغاثة المؤسس حديثاً بالمطرانية في النصف الثاني من شهر تشرين الأول(أكتوبر)2012 بتوزيع المواد الغذائية الضرورية (سكر، أرز، عدس، برغل، زيت قلي…. الخ) للعائلات المحتاجة، وجرى تخصيص 100 حصة غذائية منها للجنة مار جرجس الخيرية في حي السريان، لكي تقوم بتوزيعها على عائلات من مرعيث مار جرجس.

 

إشكالات تأمين الخبز للأسر في الحي، دراسة لشراء فرن خبز بحي السريان.

خلال الشهر العاشر من العام 2012 وبسبب نقص كميات الخبز في حلب بعد توقف مخابز عديدة عن العمل وفقدان المازوت، مع عدم انتظام وصول الطحين إلى الأفران بسبب الحصار على حلب، ولكون الفرن الوحيد المتبقي في الحي 9، الذي لم يكن يقدم نوعية جيدة من الخبز وأن الازدحام اليومي أمامه مخيف مع قدوم أعداد كبيرة من خارج الحي أيضاً للشراء، لهذا تدارس المجلس الملي في حي السريان مع نيافة المطران يوحنا إبراهيم فكرة شراء فرن ليقوم بإنتاج خبز ذو جودة جيدة، فزاروا مجتمعين الفرن الآلي الصغير الذي يقع خلف كنيسة السريان الكاثوليك في الحي والذي كان معروضاً للبيع حينها.
كما تمت دراسة اقتراح تحويل صالة قنشرين إلى فرن لخدمة الرعية وأهل الحي خلال هذه الأزمة التي كانت تتفاقم وتزداد يوماً بعد يوم مهددة الوجود و العيش اليومي للمجتمع بكامله، ولكن بعد الدراسة الفعلية لجدوى المشروع، تبين أنه لا توجد فرص مشجعة لنجاح المشروع ولا جدوى اقتصادية من تملك وإدارة فرن للخبز تابع للكنيسة، لأنه يحتاج إلى إدارة خبيرة ويد عاملة ورقابة وإشراف مباشر وتفرغ دائم، بينما لم يكن بين المرعيث من لديه الخبرة أو الرغبة في إدارته، وأن العائد المادي للاستثمار في الأفران غير مشجع أبداً طالما كان العمل بضمير ووجدان حسب القانون دون تلاعب أو غش.

 

تفجير سيارة مفخخة أمام مشاريع بيت حسدا

وقع تفجير سيارة مفخخة في يوم الجمعة تاريخ 2012.10.21 أمام مبنى المشفى الفرنسي ودار المسنين (مشاريع بيت حسدا 10 في حي السريان الجديدة) مما أدى إلى و تدمير جزء من السور الخارجي وإصابة مدخل المشفى وتحطم نوافذ الألمنيوم، وكانت قذيفة سابقة قد سقطت على الطابق الثالث لمبنى مدرسة بني تغلب الأولى في السليمانية قبل يومين من هذا التفجير، وبعد أقل من شهر وبتاريخ 16 تشرين الثاني (نوفمبر) وقع حادث ثان أكبر أمام المشفى نفسه، عبر تفجير سيارة مفخخة مما أدى إلى إخراج مبنى المشفى الفرنسي عن الخدمة وإصابة المبنى بأضرار كبيرة جداً وكذلك تضررت مدرسة الكلمة الملاصقة وتعطلت، فخرجتْ عن العمل بسبب الأضرار الكبيرة بالديكور و تعرضت المدرسة بعد هذا التفجير لسرقة تجهيزاتها بالكامل.

 

صورة 2: صورة آثار التدمير التي أصابت مشروع بيت حسدا ( مبنى المشفى الفرنسي و دار المسنين، المصدر: مطرانية السريان، لجنة الأوقاف)
صورة 3: صورة أخرى لآثار التدمير التي أصابت مشروع بيت حسدا ( مبنى المشفى الفرنسي و دار المسنين، المصدر: مطرانية السريان، لجنة الأوقاف)
تلا ذلك التفجير الأخير سقوط قذائف هاون على عدة منازل تخص رعية الكنيسة وتضررت منازلهم جزئياً نتيجة سقوط القذائف كمنازل كل من الملفونو أنور مقصود والسيد هاروت مقديس موسو والسيد جوزيف ساعور على سبيل المثال لا الحصر، والشكر لله انه لم تقع إصابات بشرية بسببها.
وبسبب عدم توفر الدقيق للمخابز وعدم وجود كميات كافية للخبز في هذه المراحل الزمنية من التداعيات في حلب، بدأت منظمة الهلال الأحمر بتوزيع ربطات خبز مجانية ممولة من منظمات دوليةً على الجمعيات واللجان والكنائس ومنها كنيستنا، وهذا ما تم تطبيقه وتوزيعه11.
وبسبب هذه الأوضاع الصعبة قررت كنائس الأبرشية خلال احتفالات أعياد الميلاد للعام 2012 تقليل الاحتفال وحصره داخل الكنيسة بالطقوس الدينية مع إيقاف أية مظاهر أو أنشطة احتفالية خارج الكنيسة،
ولتوقف المطبعة التي كانت تطبع الرزنامات السنوية المسيحية عادة عن العمل، بسبب الظروف الأمنية مع سقوط القذائف عليها، حيث لم يكن ممكناً طباعة رزنامات العام 2013 كما هو معتاد سنوياً، واستعيض عنها بتوزيع رزنامة مسيحية صغيرة قُدمت مجاناً لكل مسيحيي حلب كهدية من جمعية دار الكتاب المقدس في حلب.

 

احتراق محولة الكهرباء (البوست) في مطحنة العدس

نتيجة الانقطاعات المتكررة والاستهلاك الزائد للكهرباء، مع عدم تحمل الأسلاك الناقلة للأحمال الزائدة غير الطبيعية، وازدياد سرقات الكهرباء أو ظاهرة تبديل الفازات في المنازل (أحد خطي التيار الكهربائي المتناوب Phase)، ومع الاضطرار لاستخدام الكهرباء التي نادراً ما كانت تصل لأجل التدفئة المنزلية أو لتسخين مياه الحمامات.
أدى ذلك إلى احتراق محولة (البوست) الكهرباء الواقعة ضمن نطاق مطحنة العدس قرب المثلث في ليلة 2013.01.18، فأدى اشتعاله إلى انفجارات وأصوات مخيفة للمحيط، تحول بعدها البوست إلى حديد لا يمكن إعادته للحياة، كما توضحه الصور أدناه، وكان من الصعب في تلك الأيام تأمين محولة كهربائية بديلة بشكل عاجل ورسمي من الشركة العامة للكهرباء12، ولم يكن بالإمكان توفير محولة إلا عن طريق الشراء المباشر من القطاع الخاص ومن ثم التبرع بها لشركة الكهرباء بحلب لتقوم هي بتركيبه لاحقاً، أو ستبقى منازل كثيرة وأسر عديدة كانت تتغذى كهربائياً من البوست بلا كهرباء، لحين تأمين محولة بديله كانت غير متوفرة في تلك المرحلة بحسب جواب مدير شركة الكهرباء بحلب المهندس ي. س.، وهذا يعني أن يبقى قسم مهم من أهالي الحي دون كهرباء لفترة مفتوحة لا تستمر الحياة الطبيعية فيها، أو الاضطرار لجمع أموال كبيرة من العائلات كتبرعات لشراء محولة من القطاع الخاص.

صورة 4: مدخل المحولة الكهربائية ضمن محيط جدار مطحنة العدس في حي السريان القديم

 

صورة 5: الركام الذي خلفه احتراق المحولة الكهربائية

كذلك سيُطلب من الأهالي إضافة لتحملهم قيمة المحولة، دفع تكلفة شراء كابلات كبيرة لإعادة ربط المحولة بالشبكة بديلا عن الكابلات المحترقة (قدرت حينها بقيمة 125000 ليرة سورية)،
وبما أن الظرف الاقتصادي كان صعباً جداً مع عدم قدرة العائلات على تحمل هكذا تكاليف رغم تدخل السيد المحافظ محمد وحيد عقاد وغيره من أعضاء في قيادة فرع الحزب بحلب لأجل حل هذا الموضوع، ولكن للأسف لم تكن هناك إمكانية لحل الموضوع أثناء تلك المرحلة الزمنية المواكبة لتطورات كبيرة على أرض الواقع.

 

صورة 6: صورة المحولة الكهربائية المحترقة

 

صورة 7: المحولة الجديدة التي تم تركيبها وتمديد الكابلات ووصلها بالشبكة الكهربائية

 

جاء الحل عبر التواصل مع السيد وزير الاقتصاد(حينذاك) الدكتور أحمد ظافر محبك ابن حلب البار حيث تم نقل الصورة الحقيقية له، حول وضع أهالي حي السريان الذين فقدوا محلاتهم وأعمالهم مع تخويفهم من القادم الذي يتهدد مستقبلهم، مع انتشار ثقافة تشجيع الهجرة بسبب ظروف انقطاع مقومات الحياة الضرورية.
تفهم الدكتور ظافر الوضع الاجتماعي والإنساني لأهالي حي السريان وقدم حلاً عاجلاً ذو مفعول فوري كونه رئـيساً للجنة الاقتصادية المسؤولة عن الشراء والتمويل لمؤسسات الدولة في سوريا، حيث وافق ووجّه زميله وزير الكهرباء، آملاً منه الشراء المباشر على حساب الدولة، وأنه رئيس اللجنة بصفته وزيرا للاقتصاد في سوريا سيوافق فوراً على الطلب وسيخصص المبلغ المطلوب لشراء المحولة.
بعد تدخل السيد الوزير واستجابته تم تأمين محولة بديلة، وأمنت شركة الكهرباء كل طاقمها المتاح من إداريين وفنيين، وساهمت إدارة الهلال الأحمر مشكورة بتمويل شراء باقي المستلزمات ونجحت المحاولات، وعادت الكهرباء إلى الحي بتاريخ 14 شباط (فبراير) 2013، أي بعد شهر من انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن جزء من الحي.
اعتمدت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري اللجنة الخيرية لمرعيث مار جرجس خلال الشهر الثاني من العام 2013 كموزع رئيسي للمواد الإغاثية والمواد الأخرى في حي السريان، وتم منحهم مقر بيت المحبة ضمن المركز الصيفي كمقر للتوزيع وكان ذلك محفزاً ومشجعاً من خلال أداء دور إغاثي لكامل الحي، ودليل ثقة بإمكانية مؤسسات المرعيث مع متطوعي لجنة مار جرجس الخيرية في العمل الإغاثي لخدمة المجتمع في الحي بأكمله.
ثم عانت حلب في هذه الفترة من شهر آذار(مارس) 2013 من فقدان الكهرباء والمازوت مع غلاء أسعاره بشكل كبير علماً أن المازوت ضروري لأجل تشغيل المولدة، وتزويد الكنيسة أثناء القداديس بالكهرباء وكذلك لإنارة الصالات أثناء تقبل العزاء.

 

خروج منطقة المقابر المسيحية عن سيطرة الدولة وقصة مقابر المسيحيين المؤقتة بحلب

في منتصف شهر آذار(مارس)2013، وضعت لجنة الأوقاف المشرفة في المطرانية على المقابر خطة لحفر مقابر جديدة في مقابر الأبرشية بحي الشيخ مقصود، تحسباً من أية كوارث غير متوقعة قد تحدث لا سمح الله، حتى تستوعب أية زيادات عددية غير متوقعة في أعداد الوفيات نتيجة القتل والدمار والحرب.
لكن ما حدث اعتباراً من تاريخ 12 آذار 2013 كان غير متوقعاً أبداً، حيث مُنعت ورشات البناء المكلفة من لجنة أوقاف المطرانية لحفر مقابر جديدة من الوصول إلى منطقة المقابر (الشيخ مقصود)، بسبب وقوعها ضمن منطقة اشتباكات عسكرية ووجود القناصة، وسيطرة ما يسمى بلجان الحماية الذاتية الخاصة بالإخوة الأكراد على المنطقة المحيطة، وقد فشلت كل المحاولات لإعادة فتح طريق المقابر وتوفير وصول آمن للمقابر، ومنها كانت محاولات منظمة الهلال الأحمر العربي السوري لتوفير ضمانات عبر دورها الكبير ضمن المبادرات الإنسانية، حيث فشلت في إعادة فتح طريق آمن لدفن الموتى لعموم مسيحيي حلب، في نفس الفترة التي كانت تعمل خلال فترة الحصار على توصيل الغذاء والدواء لسجن حلب المركزي المحاصر كلياً، وأعقب قطع طريق المقابر منع المدنيين من العبور، بدءاً من نقطة دوار مشفى ابن رشد المؤدي للمقابر بسبب خطورة الطريق والقنص من ناحية الشيخ مقصود المشرفة على المشهد العام للمنطقة.
هكذا أصبح الشخص المشرفُ المتواجد في مقبرتنا هو الشخص الوحيد المتواجد القادر على متابعة أحوال المقبرة وإبلاغ المطرانية عند سقوط القذائف أو حال وقوع أضرار في المقبرة نتيجة الحرب حين أصيبت البوابة الرئيسة للمقبرة وإصابة الكنيسة داخل المقبرة بأضرار، مع كامل مظلة المدخل البيتونية.
وأعطت بلدية حلب كحل بديل إسعافي أرضاً صخرية مسطحة مقابل دير الكرمليت في حي الشهباء، كي تتشارك كل المجتمعات المسيحية في مقبرة واحد مؤقتة اعتباراً من منتصف شهر آذار 2013 بعد أن مُنع كل المسيحيين في حلب من دفن موتاهم في مقابرهم الأصلية، فاستُحدثَت في دير الكرمليت مقابر مؤقتة كحل إسعافي.
وقد فرضَ الوضع الأمني الصعب المحيط بمنطقة الكرمليت ووقوعها قرب منطقة اشتباكات مع إمكانية سقوط القذائف أيضاً على إلزام الأهالي وإجبارهم على تحديد عدد المرافقين المودعين للنعوش عند الدفن إلى عدد صغير جدا (أخ أو ابن واحد فقط وعدم تجاوز ثلاثة مرافقين فقط لكل جنازة) برفقة الكاهن، فكان المشهد الحزين المدمي للقلوب أمام باب الكنيسة هو المكان الأخير لتوديع النعوش من قبل أهاليهم وذويهم وأصدقائهم وكانت الحسرة مزدوجة: الأولى للوفاة والثانية لعدم القدرة على المواكبة والتوديع الأخير.
وكي تزداد المحنة قساوة في تلك المقابر المؤقتة، لم يكن مسموحاً وضع شواهد على القبور أو كتابة الأسماء عليها والاكتفاء فقط بوضع أرقام مؤقتة للتعريف عنها، إلى أن عادت اعتباراً من تاريخ 15 كانون الأول 2016 حركة الدفن إلى المقابر المسيحية في حلب وفتح الطريق بعد توقف دام ثلاث سنوات ونصف سنة، وجرى إبلاغ أهالي وعائلات المتوفّين خلال الأشهر الأولى من العام 2017، للاستعداد لتنظيم عمليّة نقل رفات الّذين مرّ على دفنهم عام13 وأكثر للترحيل من المقبرة المؤقتة قرب دير الكرمليت إلى المقبرة الأساسية في منطقة الشيخ مقصود، وبدأ الأهالي نقل رفات موتاهم للرقاد النهائي مع تكبد مصاريف استخراج رفاة موتاهم ونقلها إلى مثواها النهائي فتجددت مشاعر الحزن والأسى وكأن الإنسان قد توفي مرتين، ناهيك عن التسابق لشراء مقبرة جديدة لمن ليس لديه قبر قديم داخل مقابرنا الأساسية في الشيخ مقصود.

 

الشهيد أنطوان أدور سعادة والمطران البطل

ودّع أهالي حيّ السريان القديم بتاريخ 24 آذار (مارس) 2013، الرقيب الشاب أنطوان أدور سعادة الذي استشهد في 21 آذار 2013 بمدينة حمّص، خلال تأديته للخدمة الإلزاميّة، فكانت جنازة مهيبة، وشكّل استشهاده حالة من الصدمة لأهله ولأهل الحيّ ولأصدقائه عموماً، وبما أنّ الطرق الواصلة بين حلب وحمص كانت مقطوعة حينها من قبل المسلّحين الخارجين عن شرعيّة الدولة، لم يكن ممكناً نقل جثمان شهيد من الجيش السوريّ وخاصّة كونه مسيحيّاً عبر طريق حمص إلى حلب.

حينها أقدم نيافة راعي الأبرشية المطران يوحنا إبراهيم على مخاطرة كبرى بعد تخطيطه وتنظيمه لإحضار جثمان الشهيد أنطوان إلى حلب عبر طريق مشتى الحلو، متجاوزاً الحواجز العسكرية للمسلحين التي كانت تمنع مرور شهداء الجيش السوري عبرهم، حيث جرى اعتبار الشهيد أنطوان شهيداً للكنيسة السريانية في حلب وبدأت عملية نقل جثمانه بواسطة سيارة شاحنة بطيئة تتقدمها سيارة المطران الشخصية، ثم نقَله المطران إلى سيارته لإيصاله إلى حلب بشكل أسرع في بطولة نادرة ل”مطران بطل أحضر جثمان شهيد بطل”، وجرت في اليوم التالي مراسم تشييع مهيبة للشهيد شارك فيها كل أهالي حي السريان ورثاه المطران يوحنا مخاطباً الشهيد بجملة : “نم قرير العين يا أنطوان، فاليوم كان عرسك”.

 

المطران يوحنا إبراهيم: ” نحن غير مستهدفين كمسيحيين”

في الأسبوع الأول من شهر نيسان(أبريل) 2013 تقبل نيافة المطران مع المجلس الملي والمؤسسات العاملة العزاء في صالة الملكة تيودورا لوفاة الملفونو بيير يوسف خوري في الولايات المتحدة الأميركية، تحدث خلالها عن صفات المرحوم وغيرته وخدماته لأهله في مرعيث مار جرجس، ثم تناول الوضع الأمني والمخاطر التي تعيشها مدينة حلب أثناء تلك المرحلة وطمأن الشعب:
” إننا غير مستهدفين ولن نُهاجم كوننا مسيحيين14” .

عودة الإنترنت إلى حلب بعد انقطاع 43 يوماً، وحلب تصبح مدينة مولداتها لا تنام

في التاسع من شهر تشرين الأول(أكتوبر)2013 عادت خدمة الإنترنت إلى حلب بعد انقطاع دام حوالي 43 يوما عن كامل مدينة حلب عاش أهلها بلا وسيلة تواصل مع الخارج وبلا بريد إلكتروني أو معرفة أي شيء عما تنقله الصفحات وما يجري على الأرض من أخبار، ومع بقاء الاعتماد على نقطة المعبر الوحيدة قرب بستان القصر كمنفذ وحيد للخروج والدخول الى حلب.
كانت تلك كلها ظروفاً صعبة كافية لاعتبار الوضع في حلب صعباً جداً على التحمل، ولكن حلب صمدت وأهاليها تحملت.
بدأت حلب تعتمد على كهرباء المولدات الخاصة اعتباراً من الشهر السابع للعام 2012 بسبب قطع إمدادات الكهرباء عن حلب مراراً وتوقفْ عمل المحطة الحرارية عن العمل نهائياً، بسبب تدمير أقسام كبيرة فيها بعد حصارها والهجوم عليها، مما دفع محافظ حلب آنذاك إلى الموافقة على قرار السماح بعمل المولدات الكهربائية التي انتشرت رويداً رويداً في الأحياء الحلبية، ولم يعد هناك بيتٌ لا تصله كهرباء الأمبيرات.
ثم وصلت مدينة حلب خلال شهر تشرين الثاني(نوفمبر) 2013 إلى حالة من “مدينة لا تنام… إلى مدينة مولداتها لا تنام” بسبب اعتماد الأهالي بشكل كبير جداً على كهرباء المولدات (الأمبيرات15 ) التي انتشرت على أرصفة الشوارع ومدت كابلاتها في كل الشوارع وعلى كل الحيطان إلى الأبنية والبيوت نتيجة عدم وصول الكهرباء إلى المنازل إلا فيما ندر، وحتى البيوت الخاصة تملكت مولداتها الكهربائية الصغيرة التي كانت تُقلق كل الجوار دون استثناء حين تشغيلها ليلاً واعتاد الجيران على سماع أصواتها العالية جداً دون أي اعتراض.

 

حفر بئر ماء في باحة الكنيسة والمدرسة

بسبب تزايد تعقيدات الحياة مع تسارع وتيرة الحرب والحصار على حلب وتدمير البنى التحتية وانقطاع خدمات الكهرباء والماء لفترات طويلة ومعاناة السكان الكبيرة في تأمين الماء والخوف من تكرار انقطاع المياه الضرورية لاستمرار الحياة، قدم الدكتور جاني حداد بصفته ممثلاً لجهة مانحة كنسية تبرعاً لحفر بئر ارتوازي في باحة المدرسة لدعم صمود المسيحين والمسلمين أيضاً في المدينة، لمواجهة ازمه عدم تزويد المياه لحلب، فقدمت الجهة المانحة تمويلاً لحفر الآبار لكنائس ومساجد حلب، علماً أن الجهة التنفيذية نفسها، سبق أن قدمت للكنيسة مشروع تمديدات وخزانات الماء في مقر المركز الصيفي المجاور للكنيسة.
تم الانتهاء من حفر البئر مع أول أيام العام 2014 بعمق 113 مترا في باحة المدرسة، وبُدء بتزويد المياه للشعب ولخزانات مدرسة بني تغلب الثانية التي يحتاج طلابها يومياً إلى المياه للغسل والنظافة خلال تلك الأوقات التي لم تكن المياه تصل إلى الحنفيات إلا نادراً، أو كان يتم شرائها عبر الصهاريج الخاصة.

 

رقاد المثلث الرحمات البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص

رقد بتاريخ 21 آذار (مارس) 2014 قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص16 ، في ألمانيا خلال رحلة علاجية له، و شكل رحيله صدمة جديدة للشعب السرياني في العالم خاصة بعد صدمة تغييب المطران مار غريغوريوس وكان مقرراً في نفس اليوم إقامة “ريسيتال” لجوقات كورال الكنيسة بكنيسة مار جرجس، ولكن جرى تأجيله قبيل ساعات فقط من موعده حزناً على رقاد صاحب القداسة الذي جلس لفترة ناهزت ال35 عاماً على كرسي بطريركية أنطاكية للسريان الأرثوذكس، وهي أطول فترة زمنية في سجل تاريخ البطاركة السريان الأرثوذكس خلال التاريخ الحديث17.
لم تتمكن أبرشية حلب السريانية من إرسال وفد يمثلها للسفر إلى دمشق لحضور مراسم وصلاة الجناز لراحة نفس المثلث الرحمات بدمشق الذي دفن في مدفن البطاركة بدير صيدنايا في يوم الجمعة 28 آذار (مارس)2014 بسبب ظروف الحصار على حلب وحوادث الخطف والقتل على طريق خناصر/أثريا مع وجود احتمالات التوقف الفجائي لحركة السير على الطريق المؤدي إلى دمشق لأيام، حين وقوع الاشتباكات العنيفة فيه.

 

قداس وجناز في الكنيسة راحة لنفس البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص

أقيم صباح يوم الأحد 6 نيسان 2014 قداس وجناز لراحة نفس فقيد الكنيسة السريانية المثلث الرحمات العلامة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص، الراقد على رجاء القيامة، وقد صلى الأب شكري توما بمشاركة الأب جورج كلور والشمامسة الصلاة الخاصة بتجنيز أحبار الكنيسة، ثم تقبّل كل من الإكليروس السرياني في أبرشية حلب مع المجلس الملي لمرعيث كنيسة مار جرجس وبعض أعضاء المجلس الملي لكاتدرائية مار أفرام التعازي من الرعية في حي السريان وذلك في صالة فهيما كلور.
ساهمت إدارة وأفراد كشاف مار جرجس بتنظيم هذه الفعالية الحزينة من خلال تنظيم الكنيسة وتقبل التعازي في الصالة كما عرضت فيلما وثائقيا مدته خمسين دقيقة تقريباً عن حياة وابرز نشاطات ومشاركات البطريرك الراحل، حضرها عدد كبير من أهالي حي السريان باهتمام بالغ حيث أظهر الفيلم الخسارة الكبيرة التي ألمت بالسريان من خلال فقدان أب الآباء السريان في العالم كما أظهر الفيلم نشاطات وزيارات قداسة البطريرك الراحل لأبرشية حلب منها تدشينه لمشاريع بيت حسدا التي بنيت بهمة راعي الأبرشية المخطوف نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وكذلك لحي السريان وكنيسة مار جرجس.

 

استحقاق ديون أوقاف أبرشية حلب لصالح المصرف العقاري

بسبب استمرار الحرب وتوقف المستثمرون عن تحقيق عائدات استثمارهم من مشاريع بيت حسدا وبسبب التفجير الكبير السابق ذكره الذي أخرج تلك المشاريع عن العمل، وبما أن مشاريع بيت حسدا (المشفى والمدرسة) كانت ممولة عبر قروض من المصرف العقاري السوري كعادة كل المشاريع العقارية الضخمة، ونتيجة لتوقف سداد المستثمرين لأقساطهم المجدولة لصالح المطرانية، لم تكن المطرانية قادرة على سداد أقساط القروض المستحقة البالغة 26 مليون ليرة سورية حينها لصالح المصرف، ولتلافي إعادة جدولة القرض وتكبد مبلغ إضافي يقارب 15 مليون ليرة سورية كفوائد جديدة، ومن أجل التضامن مع أبرشية المطران يوحنا إبراهيم المغيب عنها منذ عام، نظّم القس صموئيل كوموش18 راعي كنيسة مار بطرس وبولس في ألمانيا عبر قناة سوريويو سات حلقة بتاريخ 01 نيسان(أبريل) 2014 لجمع التبرعات الخيرية الإسعافية العاجلة لأبرشية حلب السريانية، بينما شارك من حلب في تلك الحلقة تلفونياً الخوري جوزيف شابو و ريمون جرجي حيث شرحا وضع أوقاف الأبرشية في ظل غياب راعيها وتأثير الحرب على استثمارات أوقاف الكنيسة، ونجح الخوري أثناء تلك الحلقة بتسجيل تعهدات لجمع تبرعات مالية تكفي لسداد كامل القروض المستحقة على مشاريع بيت حسدا لصالح المصرف العقاري في حلب، بعد نجاح القس كوموش بشحذ الهمم وتنشيط المشاهدين للتبرعات، و شاركت بالتبرع أبرشيات وشخصيات سريانية و مطارنة سريان وجمعيات خيرية مختلفة فكانوا المنقذين لحلب وأوفياء لأبرشية حلب و لراعيها المغيب عنها.

 

صورة 8: الأب صموئيل كوموش مقدماً للحلقة التلفزيونية على قناة سوريويو سات وخلفه تظهر صورة المطران المغيب مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم

جرى لاحقاً تحويل مبلغ 120000 مائة وعشرون ألف يورو إلى البطريركية ومنها إلى حلب بواسطة تعاون وجهود نيافة المطران متى الخوري السكرتير البطريركي، لأجل تسديد قروض الأبرشية كاملة فسددت القروض بالكامل واستطاعت أبرشية حلب وأوقافها تجنب وضع إشارة الحجز على مشاريع بيت حسدا لصالح المصرف التجاري السوري.

 

انتخاب البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني بطريركيا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية

بعد حوالي 40 يوماً من رقاد المثلث الرحمات البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص، انتخب المجمع السرياني المقدس بتاريخ 2014.04.31 نيافة المطران مار كيرلس أفرام كريم مطران أبرشية شرقي الولايات المتحدة الأمريكية (نيوجيرسي، نيويورك) بطريركاً للكنيسة السريانية الأنطاكية الأرثوذكسية، تحت اسم صاحب القداسة البطريرك مار أفرام الثاني.
وقع خبر انتخاب صاحب القداسة مفرحاً على أبرشية حلب، لأن الشعب في أبرشية حلب السريانية سبق له أن تعرف إلى شخص صاحب القداسة عندما كان شماساً في مطرانية حلب، وبعد رسامته كمطران حيث اعتاد على زيارة الأبرشية ومطرانها ورعية حلب التي بقي على تواصل معها.
زاد انتخاب قداسته من أمل البحث عن تحرير مطران حلب ومضاعفة الجهود الإنسانية لأجل متابعة قضية المطران مار غريغوريوس الذي له الفضل الكبير على صاحب القداسة المنتخب كما سيرد لاحقاً.

 

وفد أبرشية حلب يحضر حفل تنصيب صاحب القداسة مار أغناطيوس أفرام الثاني

شارك وفد من أبرشية حلب السريانية في حفل تنصيب صاحب القداسة مار أغناطيوس أفرام الثاني بطريركاً على سدة الكرسي الأنطاكي السرياني، وذلك في يوم الخميس الواقع في 29 أيار(مايو) 2014 بدير معرة صيدنايا قرب دمشق.
وقد مثل الأبرشية الحلبية من الإكليروس السرياني الخوري جوزيف شابو والقس شكري توما ومن المجلس الملي لكاتدرائية مار أفرام الملفونو مجد لحدو ومن مجلس مرعيث مار جرجس كلاً من الملفونو صليبا كلاح وريمون جرجي، وقدم الوفد صليباً مزخرفاً مصنوعاً من الفضة كهدية باسم أبرشية حلب لصاحب القداسة.

 


صورة 9: صورة وفد أبرشية حلب في حفل تنصيب صاحب القداسة (يغيب عن هذه الصورة الملفونو صليبا كلاح دون أي تعمد)

 

صورة 10 من اليمين : الملفونو مجد لحدو ، الملفونو صليبا كلاح، الملفونو ريمون جرجي ممثلي المجلسين المليين في حفل التنصيب

 

صورة 11: الصليب الفضي المزخرف الذي قدمته أبرشية حلب لصاحب القداسة بمناسبة تنصيبه بطريركاً

أبرشية حلب ومطرانها المغيب في كلمة تنصيب صاحب القداسة

خلال حفل التنصيب كان عدم حضور نيافة المطران المغيب مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم هو النجم الغائب والأوحد ملفتاً جداً، وكان اهتمام المطارنة والشخصيات الحاضرة لحفل التنصيب من كل أنحاء العالم مهتمة جداً بالسؤال عن تداعيات وتطورات ومتابعات قضيته، وخلال الكلمة التي ألقاها صاحب القداسة في كلمة التنصيب كان لأبرشية حلب ومطرانها المخطوف الحيز المهم حيث ذكر فيها:
” بعد انتهاء دراستي الإكليريكية انتقلتُ الى مطرانية حلب ولما يقرب من الثلاث سنين خدمت كشماس خاص لنيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم مطران حلب وتوابعها ومنه تعلمت الكثير إن على صعيد محبة الكنيسة أو التفاني في خدمة الناس أو إدارة شؤون الأبرشية. ونيافته هو من هيأ لي الفرصة للالتحاق بكلية اللاهوت القبطية الأرثوذكسية في القاهرة وثم كلية القديس باتريك الحبرية في إيرلندا لإتمام دراساتي في اللاهوت والعلوم الكنسية. إنني استفقده كثيرا في هذه الأيام وانا أُعد نفسي لهذه الخدمة الجليلة والمسؤولية الكبيرة. رغم شعوري بوجوده معي بالروح يصلي لي ويشجعني وكأني اسمع ما قاله لي في آخر لقاء لي معه في عام ٢٠١٢ في فلوريدا : “أنا معك وبجانبك مهما حصل”.

حمل الخوري جوزيف شابو صورة نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وسار ضمن الزياح الحبري لموكب المطارنة الذين شاركوا مراسيم تجليس قداسة البطريرك مار أفرام في مشهد حقيقي يعبر عن مأساة كبرى ومعاناة من الخنجر الذي غمد في خصر الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وتغييب علامة سرياني ومطران حلبي عن المشهد الكنسي السرياني الأرثوذكسي.
.

 

 
صورة 12: الخوري جوزيف شابو سائراً ضمن الزياح الحبري حاملاً صورة المطران المغيب مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم الغائب الأهم عن حضور مراسم التنصيب مع إخوته المطارنة أعضاء المجمع السرياني المقدس، في مشهد أبكى كثيرين ألماً وحزناً لاستمرار تغييبه.

كما أن كرسياً تُرك بدون جليس خصص لنيافة المطران يوحنا إبراهيم على الهيكل الى جانب كراسي السادة المطارنة المشاركين في حفل التنصيب حيث وُضعت صورته على الكرسي على أمل ورجاء عودة نيافته إلى الكنيسة السريانية والمجمع المقدس وإلى أبرشيته قريباً.
خلال تقديم التهاني لصاحب القداسة دار حديث قصير بيني وبين قداسته رجوته أن يستمر في بذل الجهود ويدعم المساعي لتحرير سيدنا المطران يوحنا والوصول لخواتيم القضية التي كانت تتواتر بوقتها أخبار ومعلومات عن وجوده حياً، وكان جوابه لي: ” ليش أنا عم أقدر أنسى سيدنا يوحنا!”.

صورة 13: ريمون جرجي في حديث خاص مع صاحب القداسة حول متابعات وأخبار اختطاف نيافة المطران يوحنا إبراهيم

 

عرض مباريات كأس العالم 2014 في صالة فهيما كلور

بدأت في منتصف الشهر السادس من العام 2014، مباريات كأس العالم التي نظمتها البرازيل، ففُتحت صالة فهيما كلور أمام أهل الحي ليشاهدوا مباريات كأس العالم مجاناً، وقدم الخوري صموئيل كوموش تبرعاً بلغ قدره /110000/ مائة وعشرة آلاف ليرة سورية وذلك على نية عودة نيافة المطران يوحنا إبراهيم، خُصص المبلغ لصالح لجنة أبجر الملك لإدارة الصالات. لشراء جهاز الاشتراك الفضائي، في حين أعار الأب جوزيف كتات راعي كنيسة سانت تيريزا بالسريان الجديدة جهاز الإسقاط لاستخدامه مجاناً طيلة البطولة، كما قدم السيد يعقوب بلد أمبيرات(كهرباء) الصالة مجاناً طيلة فترة البطولة فكانت فرصة طيبة لأهلنا في الحي لمتابعة المباريات بحماس واندفاع في ظل تلك الظروف الصعبة من انعدام الكهرباء وعدم إمكانية مشاهدة المباريات مجاناً.

 صورة 14: إحدى الصور للمشاهدين في صالة فهيما كلور

 

صورة 15: صورة ثانية للعدد الكبير لمتابعي بطولة كأس العالم من أبناء الرعية في صالة فهيما كلور

 

زيارة نيافة المطران متى الخوري السكرتير البطريركي إلى حلب

زار حلب نيافة المطران مار تيموثاوس متى الخوري السكرتير البطريركي، وحضر أمسية أناشيد ” أسير إلى المسيح” في كاتدرائية النبي الياس للروم الأرثوذكس مساء الجمعة 2014.10.24 وخلال زيارته اجتمع مع إدارات اللجان والمؤسسات العاملة في الأبرشية، بحضور الكهنة والمجلسين المليين في صالة فهيما كلور حيث استهل كلمته مخاطباً كل إدارات الأبرشية قائلاً: ” يكفيكم فخراً بأن نيافة المطران يوحنا إبراهيم ترك لكم مؤسسات ولجاناً تعمل وتجتمع وتخدم بعد غيابه لأكثر من سنة ونصف وهذا يدل على أنه بنى مؤسسات ورعى الأبرشية”، وتمنى نيافته أن يعود سالماً في أقرب وقت ممكن.

 صورة 16: نيافة المطران مار تيموثاوس متى الخوري السكرتير البطريركي آنذاك مع أعضاء المجلسين المليين للأبرشية داخل كنيسة مار جرجس

 

الزيارة الأولى لصاحب القداسة مار أفرام الثاني إلى حلب

وصل صاحب القداسة البطريرك أفرام الثاني إلى حلب بتاريخ 2014.12.24 في أول زيارة رسولية له إلى حلب، بعد تنصيبه للمشاركة مع الشعب في احتفالات عيد الميلاد، خلال ظروف أمنية صعبة جداً منها خروج الطريق الدولي بين دمشق وحلب عن سيطرة الدولة، واستيلاء المسلحين عليه، وتزامنت زيارته إلى حلب المحاصرة مع زيارة غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك الروم الأرثوذكس إلى حلب، مما شكلت زيارتهما معاً دعماً قوياً للمسيحيين في المدينة المكلومة بتغييب مطرانيها والذي عانى شعبها من أحداث الحرب على حلب،
سكن قداسته مع الوفد المرافق في دار المطرانية متحملاً مخاطر إمكانية سقوط القذائف عليها في حين أقام البطريرك يوحنا العاشر في فندق البولمان في حلب.

صورة 17: صورة تذكارية لأعضاء المجلس الملي في مرعيث مار جرجس مع صاحب القداسة مار أغناطيوس أفرام الثاني وأصحاب النيافة المرافقين له

خلال اليوم الثاني من عيد الميلاد، وأثناء اجتماع قداسته مع الإدارات واللجان والمؤسسات العاملة في الأبرشية بصالة فهيما كلور، ثم اجتمع مع المجلسين المليين في صالة المطران جرجس بعدها مباشرة حيث أعلن الآتي: سيأتي شخص من خارج الأبرشية ليزورها كل شهر كي يتعرف على مشاكلها ويكون كمعتمد بطريركي مؤقت واقترح قداسته اسم الراهب الربان “بطرس قسيس”.

 

تعيين الأب الراهب بطرس قسيس معتمداً بطريركياً في أبرشية حلب

بعد أيام معدودة من زيارة صاحب القداسة إلى حلب، وخلال الأيام الأولى من بدء العام الجديد 2015 حضر إلى حلب الأب الراهب بطرس قسيس، مكلفاً من صاحب القداسة كمعتمد بطريركي لأبرشية حلب، بموجب كتاب صاحب القداسة المؤرخ بتاريخ 2015.01.06، وهو الذي سيُرسم بعد سنوات من هذا التاريخ وتحديداً في يوم الجمعة 18 تشرين الأول 2019 مطراناً معاونًا بطريركياً و معتمداً بطريركياً على أبرشية حلب، وسوف يُجلّس بتاريخ 15 تشرين الأول (أكتوبر)2022 مطراناً أصيلاً على أبرشية حلب وتوابعها بعد إعلان أبرشية حلب أبرشية شاغرة بموجب المنشور البطريركي رقم 336/2022 تاريخ 2022.07.27.

 

صورة 18: القس شكري توما والقس جورج كلور كهنة كنيسة مار جرجس وبعض أعضاء المجلس الملي مع الراهب بطرس قسيس المعتمد البطريركي إلى حلب، في صالة الملكة تيودورا

 

ظروف الحياة في حلب خلال العام 2015

تعيش حلب وأهلها في هذه المرحلة الزمنية خوفاً على أبنيتها وكنائسها ومقتنياتها، وتدارس المعنيون موضوع حماية الكتب والاحتفاظ بالمقتنيات الأثرية الغالية ضمن الكنيسة خلال هذه الظروف السيئة، في حين يعاني أغلب أهل الحي من استمرار توقف أعمالهم في المنطقة الصناعية بمنطقة الراموسة أو باقي الأحياء البعيدة، وتحسباً لحالات الطوارئ قدمت منظمة الهلال الأحمر لمرعيث كنيسة مار جرجس بطانيات وفرش وعدة مطبخ مع حصر وعوازل، كي يتم استخدامها حين الضرورة والحاجة تحسباً من نزوح أهالي الأحياء الأخرى الى أماكن أكثر أمناً كالسريان القديمة مثلاً.
ونوقشت في هذه المرحلة الزمنية من الشهر الخامس من العام 2015 حماية وتأمين الكتب والمخطوطات والأشياء الثمينة الموجودة في المطرانية وكنيسة مار جرجس والأبنية الملحقة بهما، بينما سقطت قذيفة هاون بتاريخ 24 أيار(مايو) 2015 على الطابق من المطرانية الذي يحوي مكتبة المطرانية وأصيبت بأضرار.
وخلال الشهر السادس من العام 2015، ورغبة في تأهيل المقر الصيفي وفتحه أمام الرعية بعد أن كان مقفلاً منذ انتهاء استثماره الخاص السابق، تبرع السيد المهندس جورج عضومية19 بـ 120 كرسي بلاستيك وعشرين طاولة لأجل إعادة افتتاح المقر الصيفي أمام الكنيسة الذي كان خالياً ومتوقفا عن الخدمة لفترة طويلة
توقف جر مياه الشرب إلى حلب خلال الشهر الثامن من نفس العام 2015 بسبب أحداث الحرب وتضررت مضخات مؤسسة المياه ولذلك طالب محافظ حلب الدكتور محمد مروان علبي من الكنائس والجوامع فتح الآبار للعموم كحالة إسعافية عاجلة لتلافي وقوع ازمه إنسانية في حلب.
وفي يوم الثلاثاء 27 تشرين الأول(أكتوبر) 2015 اُحتُفل بإعادة افتتاح مكتبة مار رابولا بعد قداس الثلاثاء بحضور الربان بطرس قسيس المعتمد البطريركي والأب سامي حلاق اليسوعي ممثلاً الجهة المانحة الممولة لمشروع تأثيث و فتح مكتبة للمطالعة والدراسة للطلاب في حضور كهنة أبرشية حلب مع إدارات المؤسسات العاملة والمجلس الملي وشعب الكنيسة، بعد اتفاقية لتأهيل مركز الدراسة في المقر الصيفي مع الأب سامي حلاق اليسوعي بكلفة تقديرية 2 مليون ليرة لإقامة مركز دراسة للجامعيين بتمويل من الآباء اليسوعيين لمدة سنة دراسية كاملة تعود بعدها كامل التجهيزات والديكورات لصالح المرعيث.
قدم الدكتور جاني حداد20 خلال شهر كانون الأول ديسمبر مجموعتي ضخ مؤلفة من خزاني ماء سعة 1000 لتر مع خرطوم ودفاش ليتم تركيبهما على 2 سوزوكي من أجل تزويد الرعية بالماء حين الانقطاعات، وبُدءَ العمل على تزويد الأسر في الحي بكميات مياه مسحوبة من بئر باحة المدرسة.

 

اختطاف المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم

في حادثة صاعقة لم يكن لأحد أن يتوقع حدوثها في سوريا مسقط رأس السريان والسريانية في العالم، أن يتم اختطاف نيافة راعي الأبرشية المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم مع أخيه سيادة المطران بولس يازجي بعد ظهر يوم الإثنين 22 نيسان(أبريل)2013، في عملية إجرامية غير مألوفة في سوريا حين كانا عائدين من منطقة سرمدا والحدود التركية (باب الهوى)، عند لحظة عبورهما منطقة المنصورة (كفر داعل، عنجارة، المنصورة).
حدثت عملية الاختطاف في المنطقة المحايدة الفاصلة بين مناطق المسلحين الخارجة عن سيطرة الدولة وبين منطقة حلب الجديدة التي يسطر عليها الجيش السوري، هذه المنطقة تبدأ عند أول نزلة البحوث العلمية عبر طريق ترابي لأن الطريق العام النظامي كان مقفلاً ويقع تحت مرمى قناص البحوث العلمية، ومن أول نتائج هذا الخطف كان استشهاد سائق نيافة المطران الشهيد فتح الله كبود (رحمه الله) وتُرك حراً السيد فؤاد إيليا الذي كان يرافقهم، فبقي هو الشاهد الحي الوحيد الذي روى تفاصيل الحادثة بدقائقها.

 

عن مهمته ماذا قال نيافته قبل يوم واحد من اختطافه؟

قبل يوم واحد من اختطافه سألتُ نيافته عن دواعي اضطراره للسفر والمغامرة بنفسه من أجل التدخل والتوسط وعبور أماكن المسلحين، فأجابني بكل ثقة: “لا يمكنني أن أقف مكتوف الأيدي بينما أعرف أنني قادر على لعب دور بين أطراف يمكن أن يساعد في حل مشاكل وطنية أو إنسانية أو اجتماعية والله سيحاسبني يوماً إن تقاعستُ عن أداء دور يمكنني أن أؤديه، ولذلك لن أتوقف عن بذل جهودي وكلي ثقة بأن سوريا تحتاج إلى جهود كل أبنائها “.

 

رواية القاضي حسين حمادة حول وقائع اليوم الذي سبق الاختطاف

روى القاضي السابق حسين حمادة 21 في كتابه ” مذكرات قاض سوري22” إن المطران يوحنا إبراهيم زاره في يوم الأحد 21 نيسان (أبريل) أي قبل يوم واحد من اختطافه، حيث اتصل المطران يوحنا بفؤاد إيليا الذي كان يجلس عند القاضي بالمدرسة23 فاستفسر عن مكان تواجده، فأجابه أبو رامي بأنه عند القاضي أبو حمادة، فقال له المطران: لا تغادر فأنا سآتي إليك.
وبالفعل حضر المطران ومعه لحم بعجين (كان ذلك اليوم هو الأحد ويوم قداس وجناز الأربعين للشهيد أنطوان سعادة حيث أقامت أسرته لقمة الرحمة في صالة فهيما كلور كعادة أهالي المتوفين، حضرها المطران يوحنا وبارك لقمة الرحمة وغادر مسرعاً بعد أن أخذ معه كمية من اللحم بعجين من لقمة الرحمة تلك).
عند القاضي حمادة طلب المطران منه أن يرسل معه ضابطاً ليرافقه إلى سرمدا فأرسل القاضي معه العقيد مسعف صبوح مرافقاً للمطران، حيث ذهبا لمدة أربع ساعات لأجل إطلاق سراح الكاهنين الأب ماهر محفوظ والأب ميشال كيال الذين خطفا بتاريخ 9 شباط فبراير 2013، وكان المطران يوحنا يسعى لاستلامهما وجلبهما معه إلى حلب حيث لم يكن متاحاً لغيره من رجال الدين المسيحيين الآخرين من عبور تلك المنطقة الواقعة تحت سيطرة المسلحين الخارجين عن سلطة الدولة السورية.
فشلت عملية التسلم والاستلام في ذلك اليوم، وبدا أنها كانت عملية كاذبة لاستدراج المطران لفخ كاذب، فتأجلت العملية لليوم الثاني حسب ما عُرف لاحقاً، فعاد المطران إلى حلب منتظراً اتصالاً من الخاطفين لتحديد مكان وزمان تسليم الكهنة في موعد جديد عُرف أنه في يوم الإثنين 22 نيسان(أبريل) من العام 2013. وهو اليوم الذي سيتم خطفه وتغييبه لسنوات عشر وأكثر.

 

شهادة المحامي عبد الرحمن علاف

أنشر هنا حرفياً شهادة المحامي عبد الرحمن علاف الذي كان يرافق المطران يوحنا خلال زيارته للمنطقة في يوم 22 نيسان شارحاً ما جرى معهم تحديداً في ذلك اليوم:

• “في سرمدا كنتُ أنا مع المطران يوحنا في السيارة التي كان يستقلها المطران يوم الحادث وركنا السيارة قرب عمود سرمدا، وتأخر الذين سوف يسلمون الكهنة المخطوفين وكان المطران يوحنا قد أحضر معه مبلغ مليون ليرة سورية لأجل دفع الفدية، وتبين أن الوسطاء يكذبون ويتعللون وطالبوا بقدوم المطران لوحده بدون مرافقة أحد له، ولكن تم رفض الاقتراح من قبلنا لأننا شعرنا بعدم الارتياح لهم”.
• ” عدنا الى مخيم باب الهوى وأيضا انتظرنا الوسطاء ولكن دون أي قدوم منهم”.
• “عند مفرق طريق منزلي في حور قمت بدعوة المطرانين والسيد فؤاد إيليا الى تناول الغداء في منزلي ولكن المطران يوحنا اعتذر ووعد بأن يلبي الدعوة في المرة القادمة”.
• “عند الوصول الى حاجز المنصورة وهو آخر حاجز يشرف على تلة تطل على حلب الجديدة والبحوث العلمية، ترجل الجميع وتمت معاملتهم بكل احترام وتكريم من عناصر الحاجز كرجال دين، وتم وداعهم من قبلنا فدخلوا الى المنطقة المحايدة بين الجيش الحر وجيش النظام في منطقة المنصورة قرب البحوث العلمية في منطقة يطلق عليها اسم وادي خضير تمتد حوالي 3 كم تنتهي عند منطقة الجمعيات في حلب الجديدة وجرت عملية الاختطاف تقريباً على بعد 200 متر من حاجز الجوية “.
• ” من قام بالخطف كانوا شيشانيين أو قوقازيي البنية وضخاماً جداً لم يسبق أن ظهروا في المنطقة سابقاً، وقد ظهروا في ذلك اليوم فقط عبر سيارة دفع رباعية نوع نيسان”.
• “صالح الأقرع مسؤول “عصبة الأنصار” الكتيبة المسؤولة عن الحاجز كان يحوم حولنا بعد الخطف محاولاً الابتزاز على وعد منه لنا بإطلاق سراح المطارنة، وقد طلب مقابل مدفعاً رشاشاً عيار 14.5 من تركيا ولكنه تراجع بعد أن وافقنا على تحقيق طلبه وادعى إن إطلاق سراح المطارنة صعب جدا”.
• “اتهَمتُ المدعو صالح الأقرع وعصابته بخطف المطارنة وكنتُ حينها رئيساً لمجلس القضاء الموحد الحر، ولكن الأقرع نفى ذلك مراراً”.
• “ذهبنا لعند منطقة تجمع عناصر ما يلقب بأبي البنات ونفوا تماماً علمهم بأي شيء عن اختطاف المطرانين”.

 

شهادة السيد فؤاد إيليا (أبو رامي)

” في اليوم الذي سبق الاختطاف أي يوم الأحد، كان المطران يوحنا قد ذهب أيضا الى سرمدا لإحضار الكاهنين (الأب ماهر محفوظ والأب ميشال كيال) لكن الموعد لم ينفذ بحسب الاتفاق، ولم يعثر على أحد هناك لذلك تأجل الموعد إلى اليوم التالي أي اليوم الذي حدث فيه الخطف”.
“طلبَ المطران يوحنا منا أن ننتظره عند الدوار بعد باب الهوى وعلى مفرق سرمدا وتوجه ومعه ضابط من الجيش الحر في سرمدا مسؤول على نقطة العبور إلى سرمدا مع السائق وانتظرنا نحن على المفرق وكان الهدف من ذهابه الى سرمدا إحضار كاهنين مختطفين وجاءت معلومات من البطريركية في دمشق التي دفعت لوسيط في دمشق مبلغا لفك أسرهم والمطلوب أن يذهب أحد ما لتسلمهم في سرمدا”
“انتظرنا أكثر من ساعتين أو ثلاثة في المكان فاذا بهاتفي يرن ويتصل بي المطران مستفهماً عن مكاننا قلت له نحن لانزال في المكان الذي تركتنا فيه فقال: “لم أجدهم مما أدى الى متابعة طريقي”، وطلبَ منا أن نلحق به إلى مفرق قرية حور “.
“تحركنا ووصلنا الى المفرق على الطريق العام وكان المطران والسائق وحدهما وقد توقفت السيارة جانباً والمطران يتمشى على جانب الطريق”.
“استفهمتُ من المطران عما جرى معه فقال لي: لم نجد أحدا في المكان والموعد المقررين وقال يبدو انهم يتلاعبون بالبطريركية.”.
“بقينا بحدود عشرة دقائق نتحدث جميعنا أنا والمطرانين وصديقي المحامي عبد الرحمن علاف الذي رجعنا بسيارته الى ذلك المفرق من منطقة باب الهوا، ثم استقلينا سيارة المطران يوحنا أنا والشماس فتح الله كبود والمطرانين بعد أن ودعنا الصديق المذكور الذي الح علينا أن نتناول الغداء في منزله لكننا شكرناه واردنا أن نعود بسرعة الى حلب”.
“كانت الساعة قد قاربت الثالثة بعد الظهر تحركنا ونحن نتجاوز الحواجز وهم يحيوننا بكل احترام الى أن تجاوزنا الحاجز الأخير للجيش الحر باتجاه حلب”.
“لم نشاهد في طريقنا من باب الهوى الى مكان حادث الاختطاف ما يلفت الانتباه أو يثير الشكوك”.
“كنت جالساً إلى جانب سائق المطران، إبراهيم المرحوم “فتوح”، وجلس المطرانان في الخلف. تابعنا طريقنا إلى أن تجاوزنا الحاجز الأخير للجيش الحر فأصبحنا في المنطقة المحايدة حينها اعترضتنا السيارة التي ظهرت فجأة وتجاوزتنا ولاحظتُ أثناء تخطّيها لنا وجود مجموعة مسلّحة فيها، وسلاحُهم ظاهر، وفيما توقّفت السيارة واعترضتنا وخرج منها أربعة أشخاص مسلّحون استلم كلّ منهم شبّاكاً من الجهات الأربع لسيارتنا التي أحكمنا إقفالها”.
“فُتح باب السائق من قبل أحدهم وسحب السائق بهدوء وجلس مكانه كما فتح شخص ثان الباب الذي بجانبي وطلب مني النزول بالإشارة فرفضتُ وانا أقول له: معنا رجال دين وكأنه لم يفهم كلامي وهددني بسلاحه لكني رفضتُ النزول”.
“خلالها انتبهت الى أن السائق مرّ بجانب السيارة وسار في الطريق دون أن يعترضه أحد من المسلحين مما جعلني استنتجُ انهم لا يقصدون القتل الأمر الذي شجعني على التشبث بمكاني لمدة خمس دقائق تقريبا وانا مهدد من الذي يقف بجانب الباب ومن الذي جلس مكان السائق الى أن امسك بي من قبة الجاكيت والقميص واقتلعني بقوة من المقعد وجلس مكاني وتحرك الآخر بالسيارة عائدا من الطريق الذي جئنا منه وتحركت سيارة الدفع الرباعي خلفهم بعد أن حملت أربعة أشخاص آخرين منهم كانوا على جانب حائط أحد المعامل التي تقابل المكان الذي جرى فيه الخطف”.
“بقيتُ واقفاً في مكاني لأكثر من ربع ساعة مذهولاً، ولم أسمع أية طلقات نارية خلالها، إلّا أنني لم أسمع شيئاً. كلّ ما رأيته، سيارتنا يقودها مسلّحين يجلسان في المقعدين الأماميين والمطرانان في الجهة الخلفية ويتجهان بهما عكس الطريق التي كنّا جئنا منها أي عكس اتجاه حلب. وعادا من الطريق التي أتينا منها يرافقهما مسلّحين آخرين كانوا يقودون السيارة الداكنة الأخرى”.
“بعدها تحرك السير وحاولت أن استقل احدى السيارات العابرة لكن أحدا لم يحملني خاصة من الذين شاهدوا الحادث، مرت السيارات جميعا وانا واقف أشير لها لكن لم يتوقف أحد منهم بقيت أكثر من ربع ساعة في الطريق وأظن أن كل السيارات التي شاهدت الحادث مرت أيضا”.
“بعد ذلك مرّ ميكرو باص فارغ استوقفته فوقف طلبت منه أن ينقلني الى كفر داعل بالأجرة أو الى قرية حور(عنجارة) عند صديقي فوافق”.
” تم الاتفاق مع صديقي المحامي أن نذهب الى الحاجز الأخير الذي قطعناه تحركنا بسيارتين ومعنا مسلحين معهم كلاشينكوفات ورئيس المجلس المحلي الثوري في عنجارة”.
“عند الحاجز سألنا المتواجدين هناك فقالوا رجعت سيارة المطران وهم يعرفوه جيدا ويقودها مسلح وورائهم سيارة الدفع الرباعي وحاولوا توقيفهم لكنهم هددوهم بتفجير السيارة أن لم يسمحوا لهم بالمرور”.
“في إطار بحثي عن الحقيقة, لم أنقطع منذ اليوم الأول لخطف المطرانين في 22 نيسان 2013, من التواصل مع أكثر من جهة وأكثر من شخصية, لاهثاً لمعرفة أسباب ودوافع وخلفيات هذه العملية ومن يقف وراءها, والمنفذين لها, سيما وأن الشخصيتين المستهدفتين فيها ليستا من الشخصيات التي يمكن أن تمر عملية خطفهما مرور الكرام, بل بالعكس أرخت هذه العملية بظلالها على سمعة ونزاهة الثورة أو المعارضة, في حملة شرسة لتبرئة ساحة النظام, ولما كانت الحقيقة ثمينة وغالية, لن أتوانى عن مواصلة الحصول عليها باي وسيلة كانت ومهما طال الزمن”.

 

شهادة عائلة مجهول اسمها شاهدت بعينيها عملية الاختطاف

وأضيف للشهادتين أعلاه، رواية عائلة مكونة من رجل وامرأة حين كانا في طريق عودتهم الى حلب من منطقة المنصورة في الريف الحلبي التي يسيطر عليها مسلحي المعارضة، شاهدا لحظات عملية الاختطاف ونشرت إفادتهما على صفحات الإنترنت والتقى بهم أحد المتابعين من المطرانية، حيث روت الزوجة:
“تجاوزتنا سيارة كيا فضية اللون لوحتها حماه (وهي السيارة التي يستخدمها المطران يوحنا) بعد آخر حاجز لمسلحي المعارضة في الريف الحلبي، وقبل وصولنا الى حاجز الجيش النظامي حي الراشدين تجاوزتنا سيارة أخرى ڨان سوداء”، (أضاف الزوج إن: ” مقودها كان على الطرف الأيمن وقد لاحظتُها وراءنا منذ البداية)”.
” قامت السيارة الڨان السوداء بتجاوز السيارة الكيا ذات اللون الفضي بسرعة جنونية وقطعت الطريق عليها، توقفنا ونحن نرى أشخاصاً يترجلون من السيارة الڨان وبأيديهم أسلحة ويتجهون الى سيارة الكيا”.
” كنا نظن في بادئ الأمر أن المسلحين هم دورية لاحقت سيارة الكيا لأن نمرتها مدينة حماه، ولكن تبين أن المسلحين هم غرباء وأجانب عيونهم مثل عيون الصينين وقد استطعتُ ملاحظتهم لأن الوقت كان ظهراً وهم لم ينتبهوا لوجودنا لأنهم كانوا مسرعين وقاموا بإنزال السائق”.
وأضاف الشاهدين: “بدأ المسلحين بتفتيش صندوق سيارة الكيا واخرجا شيئاً ثم عادا فأقدم أحدهم على كسر شباك الباب الخلفي لتلك السيارة والآخر جلس أمام المقود”(بينما نفى السيد فؤاد إيليا رواية فتح صندوق السيارة لا بل تساءل من هي هذه العائلة ولماذا لم تنقذه وتأخذه معها حينها).

 

صدمة خبر الاختطاف على مدينة حلب و أبرشية حلب

جاء وقع خبر اختطاف سيدنا المطران يوحنا على الرعية وعلى الأبرشية وعلى كل المسيحيين في حلب وسوريا صادماً جداً فهو حدث لم يمكن سهلاً تصديقه، لا بل لم تعرف سوريا في تاريخها القريب أحداثا مشابهة لاختطاف رموز دينية مسيحية ومطارنة هم رؤساء لأبرشيات مسيحية لها جذور عميقة في التاريخ السوري وعلى الأرض السورية التي لطالما تغنى بها الجميع بأنها أرض السلام والوئام والتسامح وقبول الآخر.
ورغم أن الظروف الصعبة جداً والمخاطر الجمة التي كانت تمر على الجميع في تلك المرحلة وكان الجميع معرضاً لها، لكن اختطاف سيدنا كان وقعه صاعقاً ومخيفا وتأثيره على الرعية كبير جداً، خاصة أن نيافته قد اختطف في منطقة كان فيها قبل يوم واحد ولم يتعرض لأي خطر، وربما ( بحسب أقوال البعض) لم يستمع نيافته لنصائح قُدمت له حينها كي لا يثق كثيراً بالأمان والحركة في تلك المناطق وعليه أن يتجنبها ولكنه كان يثق بسوريا الوطن للجميع دائماً، و أصر على أداء دوره السلمي فبينت حادثة تغييبه عن المشهد السوري في هذه السرية المفرطة من الغموض، أنه كان مخطئاً في تقديراته وأنه كان غامر بحياته وسلامته.

 

آخر صورتين لمطراني حلب المختطفين قبل نصف ساعة من الاختطاف

كيف عرفتُ بقصة الصورتين؟ عرفتُ أنا بقصتهما من الأستاذ عبد الرحمن خلال اتصال هاتفي قديم بيني وبينه، فطلبتُ منه أن يزودني بها ووعدني بالبحث عنهما وبعد أشهر طويلة عثر عليهما وزودني بها عن طريق صديق مشترك.
قبيل اختطافهما بنصف ساعة تقريباً، توقفت السيارتين24 للحظات عند مفرق قرية حور (في الريف الغربي لمدينة حلب/ منطقة عنجارة) وهي قرية المحامي عبد الرحمن علاف مع ابنه وهما المرافقين للمطرانين، وتبادل الجميع الأحاديث والأمنيات والسلامات قبيل وقوع الاعتداء والخطف.
وجرى التقاط هاتين الصورتين للذكرى ومن التقطها هو الشهيد فتح الله كبود سائق المطران يوحنا إبراهيم (فتوح) رحمه الله الذي استشهد بعد إرغامه على مغادرة السيارة بالقوة.
وهذه الصورة التي التقطتْ على الطريق العام يظهرُ خلفها مشهد لقرية حور وإلى اليمين يقع اتجاه الطريق إلى عنجارة، وإلى اليسار طريق قرية بابيص، والأشخاص في الصورة هم من اليمين: الشيخ فؤاد إيليا: الذي تم رميه من السيارة من المسلح القوقازي وهو الشاهد الوحيد على ما جرى داخل السيارة لحظة دخول الخاطفين إلى داخل السيارة وهو من شاهد وجوه الخاطفين عن قرب، المطران بولس يازجي مطران الروم الأرثوذكس في حلب والعائد الى سوريا من الحدود التركية،.المحامي عبد الرحمن علاف: رئيس مجلس القضاء الأعلى، عبد الحميد علاف: من رافق المطارنة وأمن حمايتهم خلال الطريق.
عُرف لاحقاً بعد عملية الاختطاف وبحسب ما رُوي لي من الشهود حينها: إن المطران يوحنا إبراهيم نزل من سيارته المخطوفة عند حاجز الجيش الحر، صارخاً مستنجداً معرفاـً بنفسه بأنه المطران يوحنا إبراهيم رامياً لهويته الشخصية عند الحاجز أمام عناصر الحرس، قبل أن يتم إرغامه على الدخول الى السيارة( ولكم أن تتخيلوا قساوة المشهد)، كما قام المطران بولس يازجي أيضا برمي هويته للحاجز التابع للجيش الحر، (والاعتقاد هو أنهما أرادا ترك أثر لهما وإبلاغ العالم بخطفهما)، وقد تم بالفعل إحضار الهويتين لاحقاً وبفترات متباعدة الى مطرانيتي السريان والروم الأرثوذوكسيتين بحلب.

صورة 19 صورة توثق تاريخ الالتقاط، التقطها الشهيد فتح الله كبود قبيل نصف ساعة تقريباً من عملية الخطف.

 


صورة 20: نفس الوصف السابق.

أما في حلب ونتيجة لحادثة الخطف وبعد أيام خمسة من وقوعه، اختصرت الأبرشية جميع المظاهر الاحتفالية لعيد الشعانين ومن ثم عيد قيامة السيد المسيح، وجرى الاعتذار عن تقبل التهاني بالأعياد كما هي العادة في صالة المطرانية ما لم يتم الإفراج عن راعي الأبرشية تأكيداً وتنفيذاً لما جاء في المنشور البطريركي رقم 151.

 

 

متابعات قضية الخطف في أبرشية حلب للسريان والروم الأرثوذوكسيتين

بعد عيد القيامة الذي مر حزيناً على أبرشية حلب ورعيتها بسبب عدم معرفة أية أخبار مطمئنة عن راعيها المخطوف منذ 10 أيام، تقرر الطلب من الكهنة الأفاضل التريث في زياراتهم الرعوية المعتادة لبيوت رعية الكنيسة، وتأجيلها إلى ما بعد عودة سيدنا المطران، لكن تم التراجع عن هذا القرار لاحقاً بسبب استمرار التغييب، وحاجة الرعية لدور الكهنة للإرشاد والنصح في تلك الظروف الصعبة الغير طبيعية.
شكلت مطرانية السريان الأرثوذكس مع مطرانية الروم الأرثوذكس، لجنة مشتركة لمتابعة خطف صاحبي النيافة والسيادة المطران يوحنا إبراهيم والمطران بولس يازجي25، حيث كانت تجتمع دورياً للتنسيق وتبادل المعلومات وتحضير الصلوات والمناسبات المشتركة نتيجة لتداعيات قضية الخطف.
مع مرور 15 عشر يوماً على استمرار محنة خطف صاحبي النيافة والسيادة، نظمت مطرانيتا السريان والروم الأرثوذكسيتين بحلب اعتصاماً سلمياً مشتركاً في باحة مدرسة بني تغلب الثانية بحي السريان لمدة ساعة واحدة من الساعة الخامسة حتى السادسة من مساء يوم الثلاثاء 07 أيار (مايو) 2013 .
كان المشاركون في الاعتصام على أمل الإفراج عنهما وإنهاء المحنة قبيل موعد الاعتصام، حتى أنّ عبارة قد كُتبت في نص دعوة الاعتصام: ” يلغى الاعتصام حكماً في حال إطلاق سراحهما إن شاء الله قبل موعد الاعتصام”.

صورة 21: وقفة تضامنية للمطالبة بالإفراج عن المطرانين المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وسيادة المطران بولس يازجي وباقي المختطفين

 

صورة 22: الوقفة التضامنية في باحة كنيسة مار جرجس بحي السريان

ثم تعاقبت الصلوات المشتركة بين طائفتي الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس بحلب بتواريخ عدة من أجل إطلاق سراح المطرانين المخطوفين في كاتدرائية النبي الياس وكاتدرائية مار أفرام، وفي كنيسة مار جرجس أيضاً، ومع مرور عام كامل على تغييب المطرانين الجليلين، نظمت الكنيستين صلاة مشتركة في يوم الثلاثاء 22 نيسان 2014 ( صادف أنه ثالث أيام عيد القيامة)، في كاتدرائية النبي الياس بالفيلات تحت عنوان ” صلاة ونداء لإطلاق سراحهما” ضمن برنامج روحي هدف إلى تعميق الرجاء والأمل في نفوس أبناء الرعية، ومناشدة العالم للمساعدة على إطلاق راعيي الكنيستين الحلبيتين.

 

اللجنة البطريركية الأولى لمتابعة قضية اختطاف المطران يوحنا إبراهيم

بعد حوالي الشهر من حادثة الاختطاف، أصدر صاحب القداسة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص القرار رقم 160/ 2013 تاريخ 2013.05.16 الذي أعلن عن تشكيل اللجنة البطريركية الأولى لمتابعة قضية الاختطاف تضمنت أسماء مطارنة وشخصيات من البطريركية وشخصيات متعددة من لبنان ومن أبرشية حلب مقيمة في لبنان قوامها:
مار ثاوفيلوس جورج صليبا مطران أبرشية جبل لبنان وطرابلس وسكرتير المجمع المقدس، مار اقليميس دانيال كورية مطران أبرشية بيروت، مار دیونوسیوس جان قواق مدير الديوان البطريركي، مار تيموثاوس متى الخوري السكرتير البطريركي، الخوري جوزيف شابو من كهنة أبرشية حلب، السيد جان شمعون، السيد حبيب أفرام، السيد جورج حنا القس، السيد موسى أسمر، السيد مروان شنكو.
تبين للمجلسين المليين في حلب، إنه تم تغييب ممثلين متواجدين فعليّاً في أبرشية حلب، من ضمن هذه اللجنة لكون أغلب أعضائها الأجلاء الحلبيين مقيمين خارج حلب، وليسوا متواجدين داخل الأبرشية وليسوا متابعين للتفاصيل اليومية للقضية لحظة بلحظة على الأرض، وإن أبرشية حلب هي المعنية أكثر من غيرها بقضية الخطف، لهذا جرى إرسال كتاب مشترك من المجلسين إلى صاحب القداسة، يرجوانه الرجوع إلى المجلسين المليين في حلب بشأن أي قرار يتعلق بأبرشية حلب يتم اتخاذه.
في بداية الشهر الثامن من العام 2013 وصلتْ رسالة من صاحب القداسة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص، جاء فيها بأنه قرر إيفاد نيافة المطران متى الخوري السكرتير البطريركي إلى حلب ليلتقي بالمجلسين ويسمع منهما كي يرفع تقريراً عن حلب لقداسته، ولكن تأجلت هذه الزيارة لأسباب أهمها الأمان المفقود على طريق السفر إلى حلب.

 

اللجنة البطريركية الثانية لمتابعة قضيّة الخطف

صدر عن صاحب القداسة مار أغناطيوس أفرام الثاني بتاريخ 2014.12.11 المنشور الآتي:
“إلى أبناء كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم المحروسين برعاية الرب
على أثر المداولات التي تمت في الجلسة الاستشارية التي عقدت برئاستنا في دير مار كبرئيل ـ لبنان، خـلال ۱۱ و۱۲ تشرين الثاني ٢٠١٤، بخصوص تأليف لجنة بطريركية خاصة لمتابعة قضية أخوينـا المطـرانين الجليلين المغيبين عنا قسراً، مطراني حلب: مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، وبعـد المـشاورات قررنا تعيين كل من: صاحبي النيافة مار إقليميس دانيال كورية (لبنان ـ منسق)، مارغريغوريوس ملكي أورك (تركيا ـ منسق). والأب صموئيل كوموش (ألمانيا ـ منسق). وعضوية السادة: يعقوب تكين (ألمانيا)، النائـب روبيرت خلف (السويد)، ريمون جرجي (سوريا)، عزيز عبد النور (المملكة المتحدة)، فهمي إبـراهيم (الولايات المتحدة)، بول جلو (الولايات المتحدة)، كبرئيل أقيون (الولايات المتحدة)، نوري يشوع (كندا)، منير كلمجي (تركيا) أعضاء في هذه اللجنة، ونفوض إليهم متابعة هذه القضية الهامة على قلوبنا جميعاً، ونحثكم إكليروساً وعلمانيين”.
وزودهم قداسته بالكتاب الآتي إلى من يهمه الأمر.

 

 

أما بعد مرور أكثر من عشرة أعوام على تغييب راعي الأبرشية، المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، دون الكشف عن مصيره، ودون الإعلان عن الجهة الفاعلة، أو تقديم أدلة وإثباتات عن مصير هذا الراعي البطل، أجدُ نفسي ملزماً بالقول: إن من يعرف حلب وتاريخ شعبها سيبقى متأكداً من أن شعب حلب، المتجذر في قلب التاريخ، لن ينس ولن يتخلى عن متابعة قضية راعيه ومطرانه ومعرفة مصيره، وسيحملُ وزر تذكير العالم بقضيته كي لا تطوى هذه القصة حتى لو خَفَتَ النداء و ضعف القلم، فستبقى قضية مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم لطخة على جبين المسيحيين الحلبيين والسوريين وجبين إخوتهم المسلمين أيضاً لحين حلها وفك طلاسمها، وهذا دين علينا جميعاً.
ليكن شعارنا “لتكن مشيئتك” ومهما كانت الخواتيم فيجب ألا نتراخى عن الوصول لنهاياتها الطبيعية، فلن نيأس في البحث والمطالبة لاسترجاع سيدنا وراعينا المطران يوحنا إبراهيم خاصة أن لا صحة لأي خبر سيء تم إطلاقه سابقاً، ولسنوات طويلة قادمة لن يأت للسريان في كل العالم مثل العلامة مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، لأن نيافته حمل صفات المطران السرياني البطل الذي عاش على ذكرى أسلافه من البطاركة والمطارنة والرهبان السريان الذين ساهموا في بناء مجد السريان فأحيا ذكراهم ونشر نتاجهم.
كان نيافته عالماً مثقفاً وكاتباً وناشراً للكتب لم يضاهيه أحد بين أٌقرانه في نشره وتحقيقه وتقديمه للكتب محبة منه للعلم والمعرفة ورغبة في نشر العلم والتراث الملموس والغير ملموس والحفاظ على الحضور السرياني ودوره المعرفي في نشر التثقيف في بيئته وغيرها.
وما مكتبته الشخصية الضخمة إلا إرثاً وكنزاً هاماً هي أمانة في أعناقنا، ينبغي الحفاظ عليها لا بل يجب أن تكون متاحة للأجيال القادمة وطبيعي جداً أن تحمل اسمه لتخلده، فنيافته كان الباحث الحاضر في كل المحافل المحلية والدولية التي أقام عبرها علاقات واسعة وبنى سمعة طيبة لأبرشية حلب، حتى صرنا نفخر في أوروبا بأننا من أبرشية المطران يوحنا إبراهيم الذي بنى سمعة وخدم أبرشيته وزاد من بنيانها وأوقافها وخدم شعبها طوال رعايته لأبرشية حلب، فمغبوط من عاش وعايش فترة سنوات عصر العلامة المطران السرياني الحلبي مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم.

 

كتاب جامعة لندن عن مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم.

دعماً لجهود متابعة قضية خطف المطران يوحنا إبراهيم ودوره الكبير عالمياً، نظمت جامعة لندن في يوم الجمعة 22 نيسان (أبريل)2016 مؤتمراً لإحياء مرور ثلاث سنوات على اختطاف المطران يوحنا إبراهيم، حضرتها شخصيات رسمية وهامة لها علاقات مع المطران يوحنا وساهمت بالكتابة ضمن الكتاب، وألقيت كلمات خلال المؤتمر تناولت مسيرة المطران وإنجازاته وناشدت العالم لأجل السعي لإطلاق سراحه مع إخوته، وأصدرت كتاباً حمل الاسم:(” مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم… التعددية والحوار والعيش المشترك “).

صورة 23: غلاف كتاب ” مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم… التعددية والحوار والعيش المشترك “

لتحميل الكتاب

أعد الكتاب أكاديميان سريانيان من جامعة لندن: الدكتور عزيز عبد النور والدكتور مايكل أوز، وتضمن الكتاب مقالات كتبت بعدة لغات، لمائة شخصية منها رئاسات دينية مسيحية ومطارنة وعلماء ومشايخ وأمراء وسفراء وشخصيات فكرية من عدة دول، ممن عرفوا المطران يوحنا خلال مسيرة عطائه الطويلة، وأيضاً لشهادات وقصص عنه حين كان راهباً وشماساً في مدينة الموصل العراقية.
اخترتُ هنا بعضاً مما قالوه عن المطران يوحنا إبراهيم ومأساة اختطافه في الكتاب:

• “فقال الرب لقايين أين أخوك هابيل؟ فقال لا أعلم أأنا حارس لأخي”، فقال الرب له: إن صوت أخيك يصرخ إلى من الأرض…” قصة مثيرة ومناسبة من العهد القديم اختارها بدقة ليفتتح بها الكاردينال ليوناردو ساندري كلمته الافتتاحية في المؤتمر الكتاب أيضاً “(ممثل قداسة البابا فرانسيس ورئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان).
• ” يعتبر المطران يوحنا شخصية دولية بارزة جدا تحظى باحترام كبير من قبل رعيته، وهو منفتح مسكونيا على المجتمعات المسيحية الأخرى، وعلى دراية جيدة بطرق تفكير الآخرين، لأنه شخص يفكر بالسياسات وهو باحث ومدير وشخص رائع”. (البروفسور الدكتور يوهان مارتي رئيس مؤسسة ” برو أورينتي” النمساوية).
• ” هذه دعوة مني إلى الخيرين والمخلصين من أبناء الأمة لإيلاء هذه القضية الاهتمام اللائق ووضع الاعتبارات الإنسانية فوق الاعتبارات الأخرى كافة، ………. من غير المعقول أن تُستهدف المرجعيات الدينية من أي دين أو طائفة أو مذهب، وهي تنادي بقيم المحبة والإخاء والسلام والعيش المشترك”. (سمو الأمير الحسن بن طلال، المملكة الأردنية الهاشمية).
• “المطران يوحنا إبراهيم هو واحد من قادة مسيحيي الشرق الأوسط الذي بذل جهوداً كبيرة في قبول الآخر ولعب دورا أساسيا في الشرق”. (الدكتور إريكا هنتر رئيسة قسم الأديان والفلسفة في جامعة لندن /كلية الدراسات الشرقية والإفريقية)
• ” المطران يوحنا إبراهيم اهتم بالدراسة الأكاديمية لتقاليد الكنيسة السريانية بطريقتين: الأولى بدعم وتشجيع الرهبان الشباب للدراسة في أوروبا، وتنظيمه للمؤتمرات الأكاديمية في مدينة حلب في أبرشيته بالسليمانية..” (البروفسور سيباستيان بروك، أبو الأدب والدراسات السريانية في القرن العشرين).
• ” المطران يوحنا هو نقطة جذب محفزة ومحورية للعلاقات المسكونية، والعلاقات بين الأديان والسلام….. له القابلية الفذة للتعامل على قدم المساواة مع الأكاديميين والدبلوماسيين والسياسيين والناس من مختلف الأديان، وله القدرة على جمع المسيحيين من مختلف المجتمعات والطوائف مع اتباع الديانات الأخرى….. يكرس الجهود للحوار والمعاملة والتمسك بقيم السلام وحقوق الإنسان وحرية الأديان وحرية الضمير…” (الأمير هانز آدم الثاني أمير إمارة ليختنشتاين).
• “في هذه الحالة المرعبة التي تعيشها المنطقة، فإن حكمة وقيادة المطران يوحنا إبراهيم مطلوبة بشدة أكثر من قبل…“. (وليام دارليمبل، مؤرخ ومؤلف بريطاني كتبه من أكثر الكتب مبيعاً).
• ” هو سرياني وهذا يعني انه سوري متجذر في سوريته، والتجذر عندي ارتباط وانتماء وولاء، ومن الذي يستطيع أن يقول عن المطران يوحنا إبراهيم غير هذا؟”(الدكتور محمود عكام، مفتي حلب).
• ” لطالما أحب نيافة المطران أن يحاط بطبقة من الأدباء والشعراء والمفكرين لينهل من علمهم وثقافتهم، فكان يواظب على إقامة الندوات والصالونات الأدبية وليس سراً أنه أسس صالوناً أدبياً يجتمع مرة كل شهر لمناقشة كتاب معين وكان يحضره العديد من الشخصيات الحلبية والمثقفين والأدباء من مختلف المجتمعات والأعراق” (الخوري جوزيف شابو، أبرشية حلب السريانية الأرثوذكسية).
• “أنا والمطران يوحنا إبراهيم، وبالتعاون مع قادة الأديان في العالم كالبطريرك المسكوني، ورئيس أساقفة كانتربري، وأساتذة الأديان الأخرى الذين انضموا الى”ARC” تحالف الأديان لحماية البيئة”، “بعد أن قرر الأمير فيليب (زوج الملكة اليزابيت الثانية ملكة بريطانية) تأسيس منظمة جديدة تعمل على إيجاد روابط بين الأديان الرئيسة وبين منظمات الحوار الأساسية، وكان هذا عام 1995 في قصر ويندسور” (مارتن بالمر، مستشار الأمير فيليب لشؤون الأديان والبيئة).
• ” استحضرُ الانفتاح والشخصية الجيدة للمطران يوحنا إبراهيم الذي كان مهتما بنشاط معمق بالعلاقات المسيحية المسيحية و النشاطات المسكونية، خاصة مع مجلس الكنائس العالمي..” (البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية وروما الجديدة).
• ” رغم تدمير مشاريع بيت حسدا الخيرية التابعة للمطران يوحنا إبراهيم في حلب، كان الألم بادياً على وجهه لكن حديثه وإصراره كان حول كيفية وقف حمام الدم وخلق ظروف أفضل وتأمين المساعدات الإنسانية وإعادة بناء العلاقات الاجتماعية في سوريا.” (” أنتوني بال „ كاهن أنغليكاني ودبلوماسي وقاصد رسولي سابق لأسقف كانتربري في سوريا).
• “إن دائرة علاقات المطران تجاوزت حدود الطائفة والبلد والمنطقة، فكثيراً ما تراه في عقود زواج المسلمين ومناسباتهم المتعددة مشاركاً ومتحدثاً، تراه في حلب ودمشق وحمص والرقة والحسكة وعلى امتداد ساحة سوريا حيثما حللت تجد له صداقات وعلاقات، وقصص، حكايات، تُحدثك عن المطران يوحنا إبراهيم…”(الدكتور الشيخ محمد صهيب الشامي).

 

جائزة 5 مليون دولار أميركي من الخارجية الأميركية لمن يدلي بمعلومات عن المطرانين

صورة 24 : النص الرسمي العربي لإعلان الخارجية الأميركية بخصوص المكافأة

أعلنت الخارجية الأميركية بعد 6 سنوات من تغييبهما وتغييب رجال دين مسيحيين آخرين، في صيف عام 2019، عن جائزة 5 ملايين دولار26 لمن يدلي بمعلومات تؤدي للإفراج عن 5 رجال دين مسيحيين أسرى لدى «داعش»، وهم المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم والمطران بولس يازجي والأب باولو ومطراني حلب والكاهنين الأب ميشال كيال والأب ماهر محفوظ،
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه: “في يوم 9 شباط 2013، كان الكاهن الأرثوذكسي ماهر محفوظ (روم أرثوذكس) والأب ميشال كيال (أرمن كاثوليك) على متن حافلة عامة أثناء توجههم إلى دير في منطقة الكفرون، وتم إنزالهم من الحافلة على بعد حوالي 30 كيلومتراً خارج حلب (حاجز الإيكاردا)، واعتقلوا الكاهنين27.
أضاف بيان الخارجية: “سافر رئيس أساقفة السريان الأرثوذكسي المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم في 22 أبريل(نيسان) 2013 من حلب إلى سرمدا للتفاوض على إطلاق سراح الكاهنين”.
ومن ثم إلى الحدود التركية في منطقة باب الهوى لاصطحاب المطران بولس يازجي، العائد إلى حلب بعد إقامة له في الإسكندرونة التابعة لأبرشية حلب.
وتابع البيان: “وعند الوصول إلى نقطة تفتيش بالقرب من المنصورة تعرضت المجموعة لكمين من قبل العديد من رجال مسلحين الذين استولوا على سيارة المطارنة”.
وأردف بيان الوزارة: “وبعدها تم العثور على سائق الأساقفة مقتولاً، ويُعتقد أن الخاطفين الأوائل كانوا متحيزين مع جبهة النصرة، ولكن تم نقل الأساقفة فيما بعد إلى تنظيم داعش”.
واختتم برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية بتقديم مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار للحصول على معلومات عن شبكات الخاطفين التابعة لداعش، أو الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم، مع تأكيدها على ضمان “السرية المطلقة”.
وكان تنظيم الدولة قد اختطف الكاهن اليسوعي الإيطالي باولو دال أوغليو في الرقة في يوم 29 يوليو 2013، حين ذهب بنفسه إلى “قصر المحافظة” بمدينة الرقة الذي كان تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) قد اتخذه مقرًا له على إثر إعلانه دولته بهدف لقاء قادة التنظيم للمطالبة بالإفراج عن أسرى مسيحيين، ولكن حصل معه تماما مثل ما حصل مع المطران يوحنا إبراهيم، فالمطران ذهب في يوم الأحد 23 نيسان( أبريل)لإحضار الكهنة من منطقة سرمدا، فتم تأجيله إلى اليوم التالي أي الإثنين بينما ذهب الأب باولو في اليوم الأول فقيل له تعال غدا وسيقابلك!!! ولم يتم رؤيته أو السماع عنه منذ ذلك الحين.

 

لماذا نحن بحاجة إلى توثيق قضية تغييب مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم؟

(قصة سجن العلامة مار غريغوريوس يوحنا ابن العبري أنموذجاً)
لابد أن نكتب ونوثق للأجيال لتقرأ بعد سنوات طويلة، عن حدث الاختطاف والتغييب القسري لمطران حلب العلامة مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، الذي سيبقى شخصية بارزة تتناقل أخبارها الأجيال. علينا أن نقدم للأجيال المعلومات والتفاصيل عنه.
فكما حفظ لنا التاريخ قصة سجن مطران حلب العلامة مار غريغوريوس ابن العبري28 خلال العام 1260 في قلعة نجم29 التي أصبحت حينها مقرا لهولاكو وجيوشه الغازية. حين ذهب مطران حلب أبو الفرج يوحنا ابن العبري (1226-1286) ليستعطف هولاكو كي لا يدخل إلى مدينة حلب بالسيف، ويرجوه كي يرحم أهلها ويبعد مدينتهم من الدمار، لكن هولاكو رفض طلب ابن العبري الإنساني وأمر بحجزه وسجنه في سجن قلعة نجم30 ولم يطلق سراحه إلا بعد أن دمر مدينة حلب وقتل أهلها سنة 1259.

 

صورة 25: مقطع من كتاب ” السريان الأرثوذكس في أواخر العهد العثماني وما بعد، من أزمات إلى نهضة” صفحة 25 لمؤلفه الدكتور خالد سعيد دنو، إصدار دائرة الدراسات السريانية بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس عام 2019

 

 

صورة 26: من كتاب “دراسات في تاريخي ابي الفرج الملطي المعروف بابن العبري – تاريخ الأزمنة السرياني ومختصر تاريخ الدول العربي”، تأليف يوسف متي إسحاق، رسالة قدمت إلى دائرة الأدب العربي ولغات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في بيروت.

كانت زيارة قلعة نجم وسجنها جزء من برنامج الملتقى السرياني والمؤتمرات التي كان ينظمها المطران يوحنا إبراهيم لما لها من رمزية في حياة مار غريغوريوس يوحنا ابن العبري وتضحيته في سبيل الإنسانية، ولهذه الأسباب وجدتُ أن تأريخ وتوثيق قصة التغييب القسري للعلامة مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم هو واجب كبير علينا توثيقه، علماً أن الشبه قريب بين العلّامَتين اللذين حملا اسم مار غريغوريوس يوحنا…. وكانا مطرانين سريانيين لحلب أيضاً، وسيكشف المستقبل للتاريخ والأجيال علاقة تغييب المطران يوحنا مع قلعة نجم.

 

الاجتماعات المشتركة للمجلسين المليين

بعد ثلاثة أيام من خطف سيدنا المطران يوحنا إبراهيم وتحديداً في يوم الخميس 25 نيسان 2013 عقد المجلس الملي لمرعيث كنيسة مار جرجس جلسة استثنائية لمناقشة محنة الخطف وتداعياتها على الأبرشية وكان أهمها هو موضوع تحرير سيدنا وضمان سلامته،
خلال ذلك الاجتماع توضح للجميع أنه من الضروري التنسيق مع جهود المطرانية ومع مجلس الكاتدرائية، لأجل التنسيق والمتابعة والتوحد في الأمور المشتركة، وتحمل المسؤولية التي برزت نتيجة تغييب راعي الأبرشية، فطُرحت فكرة عقد اجتماع مشترك مع المجلس الملي لكاتدرائية مار أفرام للتنسيق وتوحيد الجهود كمرعيثين31 في أبرشية واحدة.
عُقد الاجتماع الأول في اليوم التالي الجمعة 26 نيسان (أبريل)2013 عند الساعة الثالثة بعد الظهر في المطرانية لمناقشة تداعيات صدمة خطف نيافة راعي الأبرشية وكيفية تحريره ومتابعة عملية الخطف التي كان من الصعب تصديقها أنها حدثت فعلاً.
كان الاجتماع الأول المشترك للمجلسين المليين كئيباً وكانت ملامح الحاضرين معبرة فكلهم مصدومين، وهذا هو الاجتماع الأول لهما معاً، وزاده صعوبة هو أنه بدون حضور راعي الأبرشية ورئيسها المختطف منذ أربعة أيام فقط، و لعبت الظروف المحيطة بالمطرانية دوراً رهيباً ضاغطاً، فالخوف من تساقط قذائف الهاون على المطرانية، التي كانت تشهد يومياً سقوط القذائف حولها والتي كان يطلقها المسلحون المتواجدون في منطقة النيال والسيد علي، ومع مشهد طارئ هو وجود خندق عميق محفور في الشارع المقابل للمطرانية مباشرةً (تحسباً من أية اختراقات أو حفر لأنفاق من قبل المسلحين).
كانت المواصلات العامة مقطوعة، والحواجز بين الشوارع قائمة والصخور الكبيرة تمنع مرور السيارات بين الأحياء، لعبت هذه العوامل كلها دوراً مخيفاً ضاغطاً على الجميع، وتقرر خلال الاجتماع بعد الاتفاق على إقامة صلاة مشتركة مع طائفة الروم الأرثوذكس في كاتدرائية النبي إلياس (كونها بعيدة عن مرمى سقوط القذائف وخوفاً على الحضور من تعريضهم للخطر) من أجل الصلاة وإيقاد الشموع لإطلاق سراح المطرانين الجليلين وذلك في يوم السبت 27 نيسان 2013.
تأجل الاجتماع الثاني المشترك في يوم الاثنين 29 نيسان بسبب تساقط القذائف حول دار المطرانية عند الظهيرة، فتم تأجيله ونقله إلى حي السريان في اليوم التالي مع حضور الكهنة الأفاضل.

في يوم 18 أيار(مايو) 2013 جرى مرة أخرى إلغاء الاجتماع المشترك قبل ساعة ونصف من موعده المقرر في المطرانية بسبب سقوط قذيفتي هاون على المطرانية وحدوث أضرار بأبواب الكنيسة، وتأذي المطبخ وسقطت الأتربة في الباحة الداخلية للكاتدرائية.
جرى خلال الشهر الثامن من العام 2013 تشميع باب الجناح الخاص بسيدنا المطران يوحنا داخل مبنى المطرانية بالشمع الأحمر، منعاً لدخول أي شخص إلى المنزل في ظل استمرار تغييبه بعد اكتشاف آثار محاولات للدخول إلى الجناح الخاص لسيدنا، ولكن حدث بعد أيام فقط من تشميع الباب، أن قام مجهول بفك ختم ذلك الشمع الأحمر، ولم يعرف المسؤولين في المطرانية من هو الذي قام بالعمل، لكون باب ودرج المطرانية متاحان أمام المراجعين صعوداً ونزولاً وأمام رواد دار المسنين، وبعد النقاش قرر المجلس الملي للكاتدرائية تركيب أبواب حديدية، لحماية منزل سيدنا المطران وعددها 3 أبواب بقفلين لكل باب.
مع بدايات شهر تشرين الأول(أكتوبر) من العام 2013، ونتيجة لاستمرار تغييب راعي الأبرشية لأكثر من 6 أشهر، وحاجة معاملات الرعية للوثائق المدنية لوجود قاض مناب في المحكمة الروحية لدى المطرانية، وافق صاحب القداسة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص على اقتراح المجلسين لتعيين الأب جورج كلور كقاض مناب لدى غرفة المحكمة الروحية الاستثنائية، من أجل التوقيع على حالات حصر الإرث طيلة غياب صاحب النيافة مطران الأبرشية كونه رئيساً للمحكمة الروحية، كما وقع الاختيار على المحامي الأستاذ جان مصري ليكون المستشار القانوني في تنظيم مستندات حصر الإرث”.

ينبغي الاعتراف بأن تلك الاجتماعات المشتركة التي جرت ضمن نطاق الاتحاد في شؤون الأبرشية دون الدخول في الشؤون الداخلية لأي مرعيث، و مع حسن التعاون والتفاهم واللقاء الأخوي بين أعضاء المجلسين الكريمين، التي جمعتهم الغيرة السريانية، والإخلاص للكنيسة، ومحبة للراعي المغيب، والإيمان الصادق، فكانت هذه العناوين أطراً عريضة لكل نقاش وحوار واتفاق، حيث اعتَبر المجلسان المليان حينها أنهما في حالة انعقاد مستمر لإدارة الأزمة كخلية واحدة32، والتي أجدُها تجربة هامة جداً ومثمرة في تاريخ الأبرشية، وربما يمكن اعتبارها التجربة الأولى في تاريخ المرعيثين، وقد أصبحت تلك اللقاءات دورية ومنتظمة، ولم أجد ما يماثلها من اجتماعات سابقة خلال السنوات السابقة، وعبرت تلك الاجتماعات المشتركة سنواتها الثلاثة بدون أية إشكالات، لاحقاً توقفت هذه الاجتماعات بعدها في أيام المجالس الملية اللاحقة، وبعد قدوم المعتمد البطريركي الى حلب!
الاستنتاج هو أن العلمانيين33 الموكلون بدفة الإدارة التنفيذية لشؤون مؤسسات الكنيسة تكليفاً، قد تحملوا بكفاءة المسؤولية الإدارية للأبرشية، خلال الغياب الاستثنائي والمفاجئ للراعي، وتحت سقف القانون المدني ودستور الكنيسة والنظام الداخلي للمجالس الملية34 الذي لم يلحظ في بنوده قوانين تُطبق في ظروف مشابهة كغياب قسري أو اختطاف لمطران الأبرشية، الذي يرأس كل اللجان والمؤسسات، ولم يلحظ النظام الداخلي أية تعليمات قانونية استثنائية، تكون الأساس القانوني لاستمرار عمل الأبرشية ومؤسساتها،
ولهذا أجد أنه يجب العمل على تطوير تلك القوانين والأنظمة لتواكب مثل هكذا ظروف استثنائية ظهرت على الساحة خلال هذه السنوات الأخيرة حتى تتلافى الكنائس الكثير من الإشكالات الإدارية والتمثيلية لكل كنيسة ورعية وتعطي الصلاحيات الكافية للمجالس الملية كي تستطيع العناية والاهتمام وإدارة شؤون الكنيسة ومؤسساتها.

 

أعداد الوفيات والعمادات في كنيسة مار جرجس والأبرشية

أعداد الوفيات السنوية للسريان الأرثوذكس في حلب من عام 1951 لغاية 2005

أنشر هنا في سياق التوثيق الحالي لشؤون الأبرشية والرعية في حي السريان بيانات إحصائية عن أعداد الوفيات خلال 55 عاماً، حيث قمتُ قبل سنوات بعيدة بعمل دراسة إحصائية حول المعدل السنوي للوفيات في الأبرشية، بعد أن شاهدت يوماً سجلاً كبيراً في المطرانية، تسجل فيه كل واقعات الوفيات في مرعيثي مار أفرام ومار جرجس داخل صفحاته الكبيرة.
كانت هذه السجلات35 هي المصدر الوحيد للسجل المدني للرعية، على مدار السنين الطويلة، فقمتُ باستئذان نيافة المطران يوحنا إبراهيم، ليسمح لي بالاطلاع على السجلات من أجل إعداد دراسة تكشف مجاميع حالات الوفيات في كل عام، وتحديد نسبة الوفيات لكل مرعيث، وإجمالي أعداد الوفيات وأتممت تلك الدراسة، ولكنها بقيت لدي محفوظة ولم تنشر الدراسة قبل هذا اليوم.
يُظهر هذا الجدول أدناه أرقام بيانات الأعوام من العام 1951 لغاية العام 2005 أي لمدة 55 عاماً، ومن خلال هذه المعطيات ظهر أن معدل الوفيات السنوي الوسطي خلال أعوام الدراسة في مرعيث كنيسة مار جرجس بحي السريان هو وسطياً 29 حالة وفاة سنوياً.

جدول أعداد وفيات في كنيسة مار جرجس وكاتدرائية مار أفرام من عام 1951 لغاية 2005

نستخلص من الجدول أعلاه الآتي:
توفي في كل أبرشية حلب خلال 55 عاماً 2645 شخصاً (الله يرحمهم جميعاً) منهم /1583/ شخصاً من رعية كنيسة مار جرجس و/1054/ شخصاً من رعية كاتدرائية مار أفرام، وهذا يعني أن نسبة 60% من الوفيات تخص رعية كنيسة مار جرجس بحي السريان، بحسب سجلات المطرانية، وان 40% من الوفيات السنوية، تخص وفيات كاتدرائية مار أفرام، وأن المعدل السنوي الوسطي للوفيات خلال سنوات هذه الدراسة بلغ 29 حالة في حي السريان، بينما كان أكبر رقم سنوي للوفيات في مرعيث مار جرجس هو 40 حالة وفاة، وأن أصغر رقم سنوي هو 14 حالة وفاة، كما يوضحه الملخص أدناه:

 

أعداد المعمدين في كنيسة مار جرجس خلال 50 عاماً36

هذه دراسة تظهر نتائج حالات نيل سر العماد (المعمودية) في كنيسة مار جرجس بحي السريان فقط، بدون حالات العماد التي جرت لأبناء الرعية خارج كنيسة مار جرجس (فقد أقيمت بعض واقعات نيل سر المعمودية لأطفال المرعيث في كنائس خارجية أو في مناطق أخرى، كدير مار جرجس قرية المشتاية مثلاً وغيرها)، وعند المقارنة السنوية بين أعداد الوفيات وأعداد العمادات، حيث يمكن اعتبار العمادات مؤشراً لأعداد الولادات، نستخلص الآتي:

جدول مقارن بين مجموع الوفيات و حالات العماد السنوية والنسبة بينهما للأعوام 1951 – 2000

 

بعض فعاليات أبرشية حلب في عهد المطران يوحنا إبراهيم

لمعت أبرشية حلب السريانية الأرثوذكسية، بشكل بارز خلال عهد نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم ونشاطاته، حيث تبوأت الأبرشية في حلب مركزاً مرموقاً بين باقي المجتمعات المسيحية الشقيقة في حلب خاصةً، وبين أقرانها من باقي الأبرشيات الشقيقة السريانية عامةً.
كان يُشهد لراعي أبرشية حلب حضوره في المناسبات الوطنية والمدنية والدينية والإعلامية واستقباله لشخصيات مهمة في دار المطرانية العامرة، أذكر منها مثلاً: زيارة جلالة الملكة صوفيا ملكة إسبانيا في العام 2006 إلى دار المطرانية.
كما نظمتْ المطرانية مؤتمرات هامة ولامعة محلية ودولية في حلب، حيث اكتسب الصالون الأدبي للمطران يوحنا إبراهيم في المطرانية سمعة طيبة، ولعب دوراً مهماً في المشهد الثقافي للمدينة، حيث جمع هذا الصالون نخباً من المثقفين والمفكرين والسياسيين في الوسط الحلبي والضيوف الزائرين لمدينة حلب في مناسبات شتى.
أسرد أدناه بعضاً من نشاطات الأبرشية:

 

حلب تحتض لقاءً ومداولة ” نحو تحقيق تاريخ مشترك ل عيد الفصح عام 1997″

استضافت مطرانية حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس المداولة التي تمت بين 05 – 10 آذار (مارس) 1997 لتوحيد عيد الفصح برعاية مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط، دعي إليها ممثلون عن كنائس وجماعات مسيحية مختلفة في العالم تمثلت بالكنائس الأرثوذكسية الشرقية والبيزنطية، الكاثوليكية الرومانية والشرقية، اللوثرية، الأنغليكانية، الإنجيلية المشيخية، الكاثوليكية القديمة، الأدفنتسية Adventist، والخمسينية Pentecostal، وقد سعى المشاركون لدفع عمل الوحدة من خلال توحيد عيد الفصح وإنهاء الاحتفال به في تاريخين مختلفين سنوياً.
سعى المشاركون في المداولة للوصول إلى هدف توحيد الفصح في أحد واحد بدءاً من مطلع الألفية الثالثة أي العام 2000 وخلصوا إلى توصيات أصدروه ضمن بيان ختامي أرسل إلى الكنائس لأخذه بعين الاعتبار جاء فيه:
• الحفاظ على معايير مجمع نيقية بأن عيد الفصح يجب أن يقع في الأحد التالي لأول اكتمال للقمر بعد الاعتدال الربيعي.
• القيام بحساب المعطيات الفلكية (الاعتدال الربيعي واكتمال القمر) بأكثر الوسائل العلمية المتاحة بدقة.
• استعمال مكان موت السيد المسيح وقيامته قاعدة لحساب خط الطول الذي تقع عليه أورشليم.

صورة 27 من كتيب أعدته السيدة مارسيل خوري طراقجي، ونشرته أيضاً دار ماردين – الرها بالتعاون مع مجلس كناـس الشرق الأوسط.

(ولكن بعد مرور حوالي 26 عاماً على تنظيم تلك المداولة في حلب، لم يتحقق الأمل والحلم الذي ساهمت بتنظيمه مطرانية حلب للسريان الأرثوذكس ونيافة المطران يوحنا إبراهيم بالسعي لتوحيد عيد الفصح حتى يومنا هذا وأذكر أنه تمت استضافة الضيوف المشاركين في تلك المداولة في مبنى دار الطالبات بحي السريان المواجه للكنيسة والمؤثث حديثاً قبيل افتتاحه لسكن الطالبات الجامعيات).

 

قبل 7 سنوات من رسامته بطريركاً، هذه كانت بعضاً من أفكاره عن هجرة مسيحيي الشرق

خلال زيارة نيافة المطران مار كيرلس أفرام كريم النائب البطريركي لأبرشية شرقي الولايات المتحدة الأمريكية لأبرشية حلب ولمعلمه المطران يوحنا إبراهيم، وعبر حوار للكاتب مع نيافته بتاريخ 23 نيسان(أبريل) 2007 في دار المطرانية بحلب، طرح نيافته عناويناً كبرى وإشكالات ملموسة حول الهجرة تحديداً، أعيد نشر البعض منها هنا لأهميتها، فكأنها كانت دقاً لناقوس الخطر وتحذيراً من هجرة المسيحيين من الشرق خاصة السريان منهم، إليكم بعضاً من تلك العناوين:
” الوطن الذي نشأت فيه المسيحية يجب ألا يبقى بلا مسيحيين ”
” قبل أن تُفكروا بالهجرة ادرسوا الواقع جيداً، لا تكتفوا بسماع الأخبار الوردية عن محاسن الهجرة”.
” نشعر بأن هناك توجهاً أو خطة لقبول المسيحيين المهاجرين من الشرق في دول الغرب”.
” هناك حاجة لإعطاء دور أكبر للعلمانيين في إدارة الكنيسة “.
” لدينا حنين كبير إلى حجارة الكنائس السريانية الأثرية في منطقتنا “.
” أخشى من أن تصبح الكنائس في الشرق متاحف أثرية يزورها السياح من دول الغرب يوماً ما، بهدف السياحة الأثرية فقط “.

صورة 28 : صورة للكاتب أثناء الحوار مع نيافة المطران مار كيرلس أفرام كريم في كاتدرائية مار أفرام بحلب23 نيسان(أبريل) 2007

 

ذكرى مرور 1300 عام على وفاة القديس مار يعقوب الرهاوي

بمناسبة مرور 1300 عاماً على وفاة القديس مار يعقوب الرهاوي، أقيم قداس احتفالي قرب ضريح مار يعقوب الرهاوي في موقع دير تلعدا37 يوم 5 حزيران(يونيو) 2008، ونظم المطران يوحنا إبراهيم مؤتمراً عالمياً في حلب باسم مؤتمر مار يعقوب الرهاوي خلال الشهر نفسه من 9 إلى 12 حزيران.
شارك في المؤتمر، فريقٌ من المستشرقين بلغ أكثر من عشرين مستشرقاً أتوا إلى حلب وقدّموا دراساتهم حول أوجه النتاج الفكري السرياني لهذا العلّامة وما تركه للأجيال، كما تخللت أعمال مؤتمر يعقوب الرهاوي زيارات إلى مواقع أثرية لأديرة سريانية كانت محافل للعلم في أيام غابرة، منها: دير مار سمعان العمودي، ودير قنشرين، ومدينة منبج التي منها خرجت الملكة السريانية تيودورا.

 

أبرشية حلب تضم أرض دير تلعدا إلى أوقافها

اهتم المطران يوحنا إبراهيم بتسليط الأضواء على دير تلعدا وبذل جهوداً كبيرة وجبارة في سبيل استعادة الدير وعقاره.
نجح نيافته في إكمال عملية شراء قطعة أرض كبيرة مجاورة لأرض الدير بعد سلسلة طويلة من الإجراءات والتدخلات والجهود، في شراء الأراضي، حيث بلغت مساحة أرض الدير 70 ألف متراً مربعاً، وسجلها باسم أوقاف الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في حلب.
من الجدير ذكره إن السيد “مارتن بالمر” مستشار الأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا، قد تعرف وعمل مع سيدنا يوحنا على مشروع تلعدا وزخمه البيئي، كما زار بالمر بدعم من الأمير فيليب حلب وذهب الى تلعدا وكتب عدة مقالات عن تلعدا ، بينما ساهم المطران يوحنا بإطلاق اسم مار يعقوب الرهاوي على أحد شوارع مدينة حلب، ويُعتبر القديس يعقوب الرهاوي38. أخصب كاتب في الكنيسة السريانية، حيث كان نيافته عضواً في لجنة تسمية الشوارع في مدينة حلب و ساهم بتسجيل شوارع بأسماء علماء وقامات سريانية منها شارع باسم البطريرك أفرام برصوم وغيره، كما تحتوي اليوم كنيسة مار جرجس صليباً حجرياً من دير تلعدا جرى وضعه في الجانب الأيمن من المذبح لتتبارك به الكنيسة وشعبها مخلداً لذكرى هذا الدير السرياني.

صورة 29 صليب دبر تلعدا في مذبح كنيسة مار جرجس بحي السريان

زيارة قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص إلى حلب عام 2006

زار قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص مدينة حلب في زيارة رسولية، حين كانت حلب تحتفل باختيارها عاصمة الثقافة الإسلامية 2006. فزار قداسته ” دير تلعدا ” القريب من دير مار سمعان العمودي، ودير تلعدا الدير الذي جرى فيه انتخاب أربعة بطاركة سريان في السنوات 936، 954 ،958 ،965 ميلادية، وقد تأثر قداسته حين تراءت له صور أولئك البطاركة والمطارنة والرهبان الذين عاشوا في ذلك الدير.
زار قداسته مشاريع ” بيت حسدا ” التي تتضمن مشفى دار الرحمة وداراً للمسنين، إضافة إلى مدرسة نموذجية خاصة، وجميع هذه المباني تخص أوقاف الأبرشية الحلبية التي أضافها نيافته خلال عهد رعايته وتقع عند آخر شارع الزهور في حي السريان الجديدة.
تزامنت زيارة قداسته لحلب مع أيام شهر رمضان المبارك وكعادة نيافة المطران يوحنا إبراهيم في كل شهر رمضان دعا نيافته لمأدبة إفطار على شرف قداسته في دار مطرانية حلب للسريان الأرثوذكس، حضرها رئيس مجلس الوزراء في سوريا المهندس محمد ناجي عطري وستة من السادة الوزراء ومفتي الجمهورية الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون وخمسة من السادة المحافظين وأمناء الفروع وأعضاء مجلس الشعب وشخصيات رسمية ووطنية، حيث كانت وليمة رمضان السنوية طقس دأب المطران يوحنا على إقامته، وهو الذي كتب عن ذلك الطقس : ” أما شهر رمضان الكريم فيُضيف عليّ هبةٍ، ونعمةً على هبةٍ، لأنه شهر جمع الشمل. نحن في سورية في هذا الشهر نلتقي باستمرار، فمآدب الإفطار مستمرة، ونُعد كل مأدبة، مأدبة محبة لأنها تجمع بين المحبين الذين يتّحدون مع بعضهم بعضاً من خلال إيمانهم بالله الواحد الأحد39.
وفي صباح يوم الجمعة 29 أيلول (سبتمبر) 2006 توجه قداسة البطريرك، يرافقه عدد من المطارنة والآباء مع الدكتور حميدو حمادة إلى موقع ” دير قنشرين” (مقابل مدينة جرابلس)، بزيارة للوقوف على أطلال هذا الدير العظيم، حيث استذكر قداسته وترحم على أرواح أفواج الرهبان والنساك ومعالم مدرسة قنشرين الشهيرة وأسلافه البطاركة العظام الذين ذاع صيتهم حينها.

صورة 30: زيارة قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص لموقع الاكتشاف الأثري

صورة 31: صورة تذكارية في نفس المكان

كما زار قداسته المدارس التعليمية السريانية ” بني تغلب الأولى والثانية “، وكاتدرائية مار أفرام وكنيسة مار جرجس، وبارك الجموع التي هللت لاستقباله ونيل بركته. وحضر قداسته احتفالاً في كنيسة مار جرجس، لمباركة تخريج أول دفعة من طلاب مرحلة التعليم الأساسي (الكفاءة) بمدرسة بني تغلب الثانية ضمن احتفال مهيب.

ومن داخل كنيسة مار جرجس، ألقى قداسته كلمة معبرة أفاض فيها عن مشاعر الفرحة وسعادته البالغة لحضوره لهذا الحفل، وأثنى على راعي الأبرشية نيافة المطران يوحنا إبراهيم، لهذا النشاط الدؤوب والتعب الكبير الذي بانت ملامحه من خلال هذه الأبرشية العامرة والمشاريع الزاهرة، وقال قداسته: “انظروا إلى المدارس الناجحة ، انظروا إلى هؤلاء الطلبة الذين رباهم مطرانهم مذ كانوا في صفوف الروضة إلى أن بلغوا هذه المرحلة” ، وذكَر قائلاً بأن:” الآباء الأوائل للسريان كانوا كلما أشادوا حجراً للكنيسة ، كانوا يضعون حجراً لمدرسة ، ولذلك كانت الكنيسة والمدرسة دائماً تُخًرج مواطنين صالحين محبين لله والوطن”.
وغادر قداسته مدينة حلب صباح يوم الإثنين 02تشرين الأول (أكتوبر)2006.

صورة 32: قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص ونيافة المطران مارغريغوريوس يوحنا إبراهيم في إحدى قاعات مطرانية حلب

اكتشاف دير سرياني أثري في حلب

أعلنت بعثة أثرية ‏سورية في منتصف شهر شباط من العام 2007 عن اكتشاف دير سرياني يعود تاريخه الى القرن السادس الميلادي في موقع وادي الساجور التابع ‏لمنطقة جرابلس شمال شرق مدينة حلب حيث عثرت البعثة الآثارية على الدير، وفيه لوحة فسيفسائية بطول 50 مترا ‏شكلت أرضية للدير المكتشف، وهو دير سرياني، عُد من المكتشفات الهامة جداً في ريف حلب.‏
‏ واحتوت اللوحة المكتشفة في أعلاها نقشان كتابيان باللغة السريانية عند ‏كل زاوية منها نقش يتألف من أحد عشر سطراً، قام المختصون في مديرية الآثار والمتاحف بقراءة هذا ‏النقش الذي يحوي معلومات، عن اسم الدير ورئيسه وتاريخ تأسيسه، وأنه تبين اعتماداً على هذا ‏النقش: إن الموقع هو دير سرياني يعود الى القرن السادس الميلادي.

 

والي مدينة أورفا يزور محافظة الحسكة السورية

أنشرُ هذا الخبر كونه الخبر الأوحد عن زيارة مسؤول تركي (أورفلّي)، من مدينة أورفا التركية40 حالياً، إلى سوريا وإلى كنيسة سريانية تحديداً، فخلال النصف الثاني من شهر شباط(فبراير) 2007 وضمن إطار الزيارات الرسمية والشعبية، قام وفد تركي برئاسة والي محافظة أورفا التركية (مدينة الرها التاريخية) بزيارة إلى محافظة الحسكة بتاريخ 28 شباط (فبراير)2007.
زار محافظا أورفا والحسكة مع مرافقيهما نيافة المطران مار أسطاثيوس متى روهم مطران الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس، في دير تل الورديات، وجرى حوار خلال الزيارة تحدث خلالها المطران عن تاريخ مدينة الرها العظيم وعلاقة السريان بمدينة الرها(أورفا) التي خرّجت للإنسانية رجالاً عظاماً مثل: برديصان، مار أفرام السرياني، مار يعقوب السروجي، مار يعقوب الرهاوي، ومار رابولا الرهاوي وغيرهم. وقد أظهر الوالي التركي معرفته الواسعة ودراية فائقة حول تاريخ أورفا، وأشاد بعلاقات حسن الجوار والروابط المتينة بين أهالي المناطق الحدودية ودعا إلى استثمارها.

 

الأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي في دار المطرانية

استقبلت مطرانية حلب للسريان الأرثوذكس سعادة الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي كان يزور مدينة حلب مشاركاً في نشاطات “الأسبوع الفرانكفوني”، فلبى دعوة نيافة المطران يوحنا إبراهيم بتاريخ الخميس 15 آذار(مارس)2007 لإدارة حوار مفتوح حول العولمة بصالة المطرانية.
تحدث فيها الدكتور غالي، وذكر أن العولمة هي ظاهرة لها عدة أشكال مثل: عولمة المشاكل البيئية، عولمة المشاكل الائتمانية، عولمة الأمراض، عولمة الإرهاب. حضر اللقاء نخبة من المثقفين والمثقفات.

 

صورة 33 الأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي في صالة مطرانية السريان الأرثوذكس بحلب

 

فريق إعلامي من تلفزيون بي بي سي يوثق الألحان الرهاوية لسلسة حلقات تلفزيونية.

قام فريق فني من تلفزيون B.B.C. البريطاني بتاريخ 12 تشرين الأول(أكتوبر) 2008 بتصوير أجزاء من قداس يوم الأحد بكنيسة مار جرجس للسريان الأرثوذكس في حلب، تم تركيز التصوير على الألحان السريانية الرهاوية التي توارثها الشعب الرهاوي عبر أجيال، وحافظوا عليها ونقلوها معهم من مدينة الرها إلى مدينة حلب شمال سوريا.
وعن حلقات المسلسل تحدث رئيس البعثة البروفسور ” دارميد ماكولوش” أستاذ تاريخ الكنيسة في كلية اللاهوت من جامعة أوكسفورد البريطانية: إنها سلسلة تلفزيونية مكونة من ست حلقات وثائقية عن تاريخ المسيحية المفقودة من قبل الشعوب الأوروبية والغربية. وقد تم اختيار حلقة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وألحانها الرهاوية التي تحمل تراث مار أفرام السرياني وغيره للمساهمة ضمن الحلقة الأولى للسلسلة فالفكرة العامة للسلسلة هي تقديم ما فات الغرب عن المسيحية الأولى خلال نشأتها ومن ثم انتشارها.
هذا وقد وجد البروفيسور ماكولوش ما كان يطمح إليه ويبحث عنه لتصوير حلقته، كما عاين الثريا النفيسة التي أهدتها الملكة فيكتوريا ملكة إنكلترا كواحدة من ثلاث ثريات كريستال مع جرس الكنيسة الضخم للشعب الرهاوي الذي كان يبني كنيسة في مدينة الرها حينها، بعدها حمل الشعب الرهاوي هذه النفائس معه إلى حلب خلال الهجرة الأليمة ولازال ذلك الجرس يقرع يومياً عند كل صلاة. وبعد حضوره القداس أبدى البروفيسور إعجابه بالألحان السريانية الرهاوية، وتفاجئ جداً بكيفية أداء المصلين في الكنيسة ومشاركتهم في ترديد صلاة أبون دبشمايو بشكل جماعي متميز جداً وقال:” نحن جئنا إلى هنا، لأننا تأكدنا أن هذه الألحان الأقدم في العصور المسيحية لازال أهل الرها محافظين عليها، فلا توجد كنيسة في العالم يمكن لها أن تدعي بأنها تملك كل هذه الألحان المتجذرة في تاريخ السريان”.

 

صورة 34: وفد البي بي سي يتقدمهم البروفيسور دارميد ماكولوش أمام جدار تمثال أبجر اوكومو في كنيسة مار جرجس بحي السريان في حلب

صورة 35: البروفيسور دارميد ماكولوش يحضر القداس بكنيسة مار جرجس ويستمع للألحان ويظهر تأثره بلحن الصلاة الربانية باللغة السريانية وفق الألحان الرهاوية

 

وزيرة خارجية النمسا تزور كاتدرائية مار أفرام بحلب

زارت وزيرة خارجية النمسا ” أورسولا بلاسنيك ” مطرانية السريان الأرثوذكس بحلب بتاريخ 09 شباط(فبراير) 2008، برفقة سفير النمسا في دمشق الدكتور” كارل تشراميك” ومجموعة من رجال الإعلام النمساويين المرافقين للوزيرة، حضر اللقاء أيضاً مفتي عام الجمهورية الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون.

شرح المطران يوحنا إبراهيم في كلمته معاني كلمتي السريانية وأنطاكيا قائلاً:
السريانية: التي تشير إلى سوريا كواحدة من الأراضي المسيحية التي حمل منها المبشرون السريان المسيحية إلى العالم، والأرثوذكس: حيث كانت جميع الكنائس في هذه المنطقة أرثوذكسية،
وأنطاكيا: التي تعد واحدة من أقدم عواصم العالم القديم حتى القرن السابع الميلادي، وفيها دُعي تلاميذ السيد المسيح لأول مرة بالمسيحيين، وبعد ذلك دُعي أتباع المسيح في كل العالم بالمسيحيين.
وأشار نيافته إلى أن سوريا احتضنت ما يقارب 2 مليون لاجئ عراقي (بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم) بصفة إخوة وأخوات لا بصفة لاجئين، وناشد المطران الوزيرة “بلاسنيك” وحكومتها للعمل بجدية أكبر لتخفيف آلام وعذاب الشعب العراقي، وقدم المطران اقتراحا للوزيرة: بأن تصبح سوريا نافذة للنمسا في منطقة الشرق الأوسط وأن تصبح النمسا نافذة لسوريا في أوروبا.

صورة 36: وزيرة خارجية النمسا أورسولا بلاسنيك والمطران يوحنا إبراهيم في بهو صالة المطرانية

استمع الحضور لتراتيل جوقة كورال الكنيسة باللغتين السريانية والعربية عبرتْ عن المحبة والتسامح وحوار الحياة القائم بين أبناء حلب وسوريا، وعراقة اللغة السريانية التي مازالت حية في سوريا.
ألقت الوزيرة “بلاسنيك” كلمة قالت فيها بأنها المرة الأولى التي تقف فيها كامرأة بروتستانتية في بهو كنيسة أرثوذكسية، لأن ذلك من غير الممكن في أنحاء أخرى من العالم، وحثت الوزيرة الجميع للعمل نحو السلام بأسلوب جديد.
وقارنت الوزيرة بين حلب ومدينة فيينا التي تحتضن مؤسسة ” برو أورينتي41 “، فقالت إن حلب وفيينا لديهما نفس الأعراف والتقاليد وتمنت أن تتعاون المدينتان في المستقبل لتطوير هذه العادات والتقاليد بهدف تحقيق السلام والعدالة.

في كنيسة مار جرجس:” الفنان جوان قره جولي يصلي على آلة العود”

نُظمت أمسية موسيقية في كنيسة مار جرجس بحي السريان في حلب. بعنوان ” رحلة مع التراث”، خلال شهر نيسان (أبريل) 2008، صلى خلالها الفنان السوري جوان قره جولي42 أمام أكثر من أربعمائة شخص على طريقته الخاصة في العزف على آلة العود.
امتلأت الكنيسة يومها بالحضور نساء ورجالاً، شابات وشباب من الرعية وعشاق الموسيقا من أصدقاء وزملاء الفنان جوان الذين حضروا للاستماع إلى عزفه المبدع قرابة الساعة من الزمن، حيث شد المستمعين إلى صوت أوتار عوده الرنان، وعزف مقطوعات عدة من مقامات موسيقية شرقية كمقام النهاوند، والكرد، والرهاوي، والراست، وغيرها، كما عزف مقطوعات عربية وتركية وأندلسية وكردية وسريانية في جو من الدفء والهدوء.
كانت مفاجأة الفنان للحضور هي عزفه عدة ألحان وتراتيل سريانية منها الصلاة الربانية أبون دبشمايو.
خلال الأمسية وقبل بدء صلاة العازف أُشعلتْ الشموع من الحاضرين وأُطفئت أنوار الكنيسة، فطغى جو من الخشوع والروحانية في التأمل والصفاء بين الحضور، وخيم الصمت على الجميع الذين غرقوا في صمت رهيب، حينها قال الفنان جوان بخشوع ظاهر وصوت هامس:

صورة 37: الفنان والعازف الموسيقي جوان قره جولي مع هدية تذكارية من المطران يوحنا إبراهيم في ختام الأمسية

صورة 38: الفنان جوان قره جولي يعزف في كنيسة مار جرجس بحلب

” حان وقت الصلاة، في هذا المكان الطاهر يحلو للإنسان أن يصلي (وكل إنسان يصلي على ليلاه)، ولكن المهم أن يصلي، واقترح على الجميع بأن يصلي كلٌ على طريقته الخاصة، عبر إغماض العين والاستسلام للصمت والصلاة من صميم الأعماق، وعزف الفنان جوان صلاته الرائعة بمقطوعة ذهبية، نثر عبرها من الصلاة معانيها، ومن التضرعات أحاسيسها، ومن الإنسانية عطائها، إنها صلاة ذات طريقة جديدة معتمدة على الأوتار، فيها تضرع إلى الله لا تمييز فيها بين دين وآخر أو بين إنسان وإنسان، لها لغة واحدة يفهمها الجميع، فصحى أم عامية كانت لا فرق، فهي لغة عالمية ولا تحتاج إلى مترجمين أو مدققين لغويين.
في نهاية الأمسية كشف نيافة المطران إن الفنان جوان ينحدر من أصول رهاوية، وشرح سبب مشاركة العود في احتفالية مار يعقوب الرهاوي التي تقام هذه الأمسية بمناسبة مرور 1300 عام على رقاده في دير تلعدا، وأن مار يعقوب المولود في قرية عين دابا (عين الذئب قرب عفرين) ولكنه انتقل إلى دير قنشرين الذي تم اكتشافه العام الماضي قرب بلدة جرابلس ومنها انتخب مطراناً للرها وأن مار يعقوب الرهاوي هو أبو الموسيقى السريانية.

 

السياسي اللبناني كريم بقرادوني في مطرانية السريان بحلب

لبى الوزير والنائب اللبناني السابق، ورئيس حزب الكتائب المستقيل المحامي كريم بقرادوني دعوة نيافة المطران يوحنا إبراهيم إلى دار المطرانية بتاريخ 3 أيار)مايو (2008، حضره عدد من المسؤولين وأعضاء مجلس الشعب إضافة إلى أدباء ومثقفين وأساتذة جامعات وبعض السيدات.
دار الحديث حول الوجود المسيحي والشهادة المسيحية في المنطقة سعياً وراء تأكيد الدور المسيحي واستمرار العلاقة بين أبناء المنطقة مع طرح التساؤل حول دور ومستقبل المسيحيين فيها، إضافة إلى الوضع اللبناني الراهن.

 

صورة 39: السياسي والوزير اللبناني السابق المحامي كريم بقرادوني في صالة المطرانية بحلب

وفد “برو أورينتي النمساوية” يختتم اللقاء السرياني بحلب

اختتمت مؤسسة ” برو اورينتي، PRO ORIENTE ” النمساوية اللقاء الذي عقدته في حلب أواخر الشهر السادس من شهر تموز(يوليو) 2008 بدعوة من رئيس أبرشية السريان الأرثوذكس بحلب.
وأشار المطران يوحنا إلى أن مؤسسة ” برو أورينتي” تعقد لأول مرة في حلب لقاءها، حيث اجتمع أعضاء المنتدى السرياني لأجل التحضير وإعداد للملتقى السرياني الثاني الذي سيعقد في فيينا / النمسا خلال العام القادم تحت عنوان ” المسيحية السريانية في الشرق الأوسط والهند: مساهمات وتحديات”، علماً أن أعمال الملتقى السرياني الأول كان قد انعقد في سالزبورغ (المدينة الثانية في النمسا) عام 2007.
تحدث المطران يوحنا عن حلمه الذي لخصه بأن يؤسس منتدى حلب السرياني الذي يعمل على التراث السرياني في الهند والشرق الأوسط، محاولاً البحث عن النقاط المشتركة بين هذه الكنائس ومحاولة دعم هذه الكنائس التي هي أعضاء في هذا المنتدى، كما تابع بأن حلمه ليس قدوم ” برو أورينتي” إلى حلب لهذا المنتدى فقط، وإنما كي تلمس على أرض الواقع كيف أن شخصيات مهمة من الكنائس المتعددة في منطقتنا يقّدرون جهود” برو أورينتي” ويؤمنون أن بإمكانها أن تقدم الكثير لمنفعة الكنيسة ووجودها في الشرق وشهادتها للمستقبل.
تعد مؤسسة “برو أورينتي „التي تُعنى في طريق التقارب بين الكنائس المنفصلة منذ قرون، وهي مشهورة في كل الشرق بنشاطاتها، و “برو أورينتي” تعني ” لأجل الشرق”، وهي مؤسسة أسسها كاردينال فيينا الراحل ” فرانس كونيغ” في عام 1964، حيث كان معروفاً بعلاقاته المميزة مع كل الأديان في العالم وبالأخص الإسلام وكان يوصف بأنه باني الجسور بين الكنائس والأشخاص، ولها فروع إقليمية داخل النمسا في مدن سالزبورغ وغراتس ولينز.

 

قصة المخطوطات السريانية في رواية “عزازيل” للدكتور يوسف زيدان

“عزازيل” هي اسم لرواية مشهورة جداً، ألفها البروفيسور المصري يوسف زيدان43، روت سيرة لترجمة لفائف ومخطوطات مكتوبة باللغة السريانية ترجمها شخص مجهول كُتبت في القرن الخامس الميلادي ودفنت ضمن صندوق خشبي محكم الإغلاق عُثر عليها بحالة جيدة ونادرة في منطقة الخرائب الأثرية المحيطة بقلعة القديس سمعان العمودي قرب حلب.
كتب هذه المخطوطات راهب مصري اسمه هيبا بطلب من عزازيل44، الذي كان يقول لبطل الرواية الراهب هيبا:” أكتبْ يا هيبا، أريدك أن تكتب، اكتب كأنك تعترفْ، وأكملْ ما كنتَ تحكيه، كله….”، وبعد أن أوصى من ترجمها الشخص الوهمي المجهول بعدم نشرها إلا بعد وفاته لما فيها من حقائق مذهلة، وعثر عليها وتمت ترجمتها لاحقاً.
احتضنت مدينة حلب رواية عزازيل التي اشتهرت جداً في العالم كله، وكان لها السبق بالاحتفال بها بحضور مؤلفها في ندوة نقدية خلال الشهر الرابع من العام 2008 قبيل نيلها الجائزة وقبيل انتشارها العالمي الكبير، وسوف تتحول الى مسلسل درامي تلفزيوني مستقبلاً.
وبعد انتشار الرواية في كل العالم لاحقاً أصبحت هدفاً للنقاش والحوار ونالتها الإشاعات الكثيرة التي لم يتم إثبات أي منها، ونُشرت عنها مقالات وتعليقات وحوارات في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دارت بعض تلك الإشاعات حول وجود مخطوطات فعلية سريانية كانت مملوكة لمطرانية حلب السريانية وأنها بيعت لمؤلف عزازيل ليؤلف روايته استناداً إليها.
ولكن للحقيقة أقول وبكل تأكيد: “لا صحة لوجود مخطوطات سريانية تم اكتشافها في منطقة جبل سمعان وأنه لم يتم بيع أية مخطوطة سريانية إلى الكاتب د. يوسف زيدان45، حتى يؤلف منها روايته، كما ظن البعض وكما التبس على كثيرين من القراء، فالحقيقة هي أن رواية عزازيل وقصة المخطوطات هي من إبداع وخيال الكاتب المتألق الذي أصدر روايات أخرى، ونشر كتباً محققة عديدة بعد عزازيل، كما أنه صرح مراراً، وكتب ونشر عن حبه لحلب ولشعب حلب”.
وكان المطران يوحنا إبراهيم قد قال عن الرواية:
“يوسف زيدان أول إنسان مسلم يكتب عن التاريخ المسيحي بأسلوب روائي ويعطي حلولاً لتلك المشاكل التي حصلت، وهو إنسان مسلم يكتب عن اللاهوت المسيحي كأي مسيحي وكأنه خريج معهد لاهوت، فهو يعرف المصطلحات الكنسية بحسب خبراته”.
“يوسف زيدان اخترق جدران الأديرة ودخل إلى حياة الرهبان فكتب عنها وهذا ما أزعج البعض، وقد تجاوز الخطوط الحمراء لأن شخصيات الرواية هي بمصاف القديسين لدى بعض الكنائس46
“.

 

صورة 40: غلاف الطبعة الأولى لرواية عزازيل

صورة 41 صورة الغلاف الخلفي للطبعة الأولى لرواية عزازيل

بعد احتضان عزازيل في حلب أولاً، وقبل انتشارها الواسع عالمياً، فازت عزازيل بالجائزة الكبرى للرواية العربية “بوكر” في لندن بتاريخ 10 كانون الأول(ديسمبر)2008 وبلغت قيمتها 50 ألف دولار، كما ترجمت إلى الآن لأكثر من عشر لغات أجنبية وجرت مناقشتها في أطروحات جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في جامعات عدة.

 

الأب عبدو بَدْوي وأول طابع بريدي لأيقونة سريانية في العالم

أصدرت شركة أمريكية أول طابع بريدي في العالم يضم كتابة باللغة السريانية من تصميم الراهب السرياني الماروني الأب عبدو بَدْوي، وهو راهب سرياني ماروني مؤسس قسم الفن المقدّس في جامعة الروح القدس ـ الكسليك، و معروف بأنه “أيكونوغراف” الكنيسة السريانية، لأنه كرس حياته لرسالة الفن والتراث وخدمة الكنيسة، والوطن والتراث السرياني.، ونظمت الأبرشية محاضرة تعريفية في صالة كاتدرائية السريان الأرثوذكس بحلب في منتصف شهر آذار(مارس) 2009 شرح فيها الأب عبدو بدوي قصة أيقونة الطابع “شجرة يسّى”، التي تزين عدداً كبيراً من الكنائس السريانية والسريانية المارونية في العالم.

صورة 42: صورة الطابع مع نص الدعوة لحضور عرض الأب عبدو بدوي عنه

صورة 43: الأب عبدو بدوي متحدثاً عن قصة الطابع وعن أعماله، في كاتدرائية مار أفرام للسريان الأرثوذكس بحلب

 

وحين كان الأب عبدو بدوي متواجداً بمنطقة جرابلس قرب حلب التي تم فيها اكتشاف لوحة فسيفساء سريانية داخل دير قد صرّح بأنه:” مستعد للذهاب إلى أية بقعة جغرافية في العالم إذا سمع بوجود أحجار لآثار وكتابات سريانية”.

 

وفاة الملفونو أبروهوم نورو

رحل الملفونو أبروهوم نورو عن العالم وعن حي السريان صباح الثلاثاء السادس من كانون الثاني(يناير) 2009 الذي صادف أنه كان يوم الدنح (عيد الغطاس) فاستنفر أهالي حي السريان لتوديع الملفونو عند الساعة الثالثة والنصف من نفس اليوم يتقدمهم نيافة المطران يوحنا مع جميع الإكليروس السرياني في حلب، والشمامسة، والكشاف وجرت مراسيم التشييع في جو حزين، عبر أهالي حي السريان عن حزنهم لرحيل الملفونو الرهاوي أبروهوم نورو.
والملفونو الراحل أبروهوم نورو من مواليد مدينة الرها/ أورفا عام 1923، كان قد بدأ بتعليم اللغة السريانية منذ عام 1943، وكان الملفونو الدكتور جورج كيراز (رائد التقانة السريانية في العالم، وناشر كتاب مخطوط مار ميخائيل الكبير)، قد كشف في حديث سابق له عن الملفونو الراحل: ” لقد أضاف ملفونو أبروهوم نورو كلمات جديدة إلى اللغة السريانية المعاصرة حتى تواكب التطورات الحالية، وكثيراً ما نستعمل كلمات ومصطلحات سريانية يعود الفضل فيها إلى الملفونو أبروهوم.”
اختير الملفونو أبروهوم نورو ضمن 63 شخصية حلبية في معرض “شخصيات من حلب ذات أثر”، أقامه الفنان الدكتور ياسر نهاد الهبراوي في صالة الأسد للفنون الجميلة بحلب، تضمن لوحات لشخصيات من حلب انتقلت إلى ديار الحق منها لشعراء، رسامين، موسيقيين، مفكرين، كتاب، مناضلين، أطباء، مهندسين، فنانين.
عرض د. ياسر لوحة للملفونو السرياني أبروهوم نورو وتضمنت بطاقة التعريف عنه المعلومات الآتية:” أبروهوم نورو: من أهم المهتمين باللغة السريانية وآدابها، له مؤلفات عديدة، أتقن اللغات السريانية والعربية والإنكليزية والفرنسية والتركية وألم بالألمانية. حاضر كثيراً في السريانية ولغتها وتراثها وآدابها في كامبريدج وأكسفورد والهند والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والبلدان العربية وتركيا وإيران”.

صورة 44: الملفونو أبروهوم نورو مع عبارة التقديم له ضمن بروشور المعرض للدكتور ياسر الهبراوي

صورة 45: أعلاه لوحة الملفونو الأساسية للملفونو أبروهوم وضمن المعرض

صورة 46: لوحات المعرض المجاورة للوحة الملفونو

 

الأبرشية تحصل على قطعة أرض في منطقة بحيرة الأسد

استطاعت أبرشية حلب السريانية الأرثوذكسية، بجهود راعيها الحصول على قطعة أرض حول بحيرة الأسد في مدينة الثورة بمساحة 3362 متراً مربعاً، خلال الشهر السادس من العام 2010، خطط لها إشادة مدرسة وكنيسة وشاليهات عليها، سيعود ريعها للأبرشية ولدعم كنيسة مدينة الطبقة والرعية فيها.

 

الخاتمة

لابد لي من الاعتراف بأننا قصرنا عبر تاريخنا الأخير كشعب ينحدر من أصول رهاوية في توثيق وأرشفة مسيرة الرعية الرهاوية طوال المائة سنة الماضية، فالتوثيق لدينا فعل نادر (بحسب رأيي)، لأن الكتابة هي سجل الذاكرة، والذاكرة هي وعي بالماضي ورؤية للحاضر.
قد يجوز اعتبار دفاتر سجلات محاضر المجالس الملية47 المتعاقبة في مرعيث كنيسة مار جرجس، هي أهم وأدق سجلات حفظتْ لنا أخبارنا وأخبار الكنيسة ومؤسساتنا العاملة، لأن تلك السجلات48 قد وثقت لنا أحداث وقرارات موثقة لتاريخ شعبنا الرهاوي، وكتبت أخبار كفاح رعية ونشاط متواصل لأجيال مع تواريخ وأسماء وقرارات، والشعب الذي يكتب أحداثه لن يموت تاريخه وأن فيها حقائق وتفاصيل ينبغي إطلاع الأجيال عنها.
وبعد استلام نيافة الحبر الجليل المطران مار بطرس قسيس رعاية أبرشية حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس أتمنى أن تكون سنوات رعايته للأبرشية عامرة بهمته وإيمانه ومواهبه، آملاً منه السعي ليس فقط للمحافظة على إرث الأبرشية ومجدها وإكمال ما أسسه وتركه سلفه المطران مار غريغوريوس، وإنما أيضاً الاهتمام الأكبر بشؤون الأسر والأهالي وتقديم الرعاية الأبوية للرعية المحتاجة فعلاً، متمنياً لنيافته وللأبرشية في عهده دوام التألق والنجاح للكنائس ولمؤسساتها، بمساندة شعب الأبرشية، ليكونوا أجنحته وسواعده في العمل والخدمة والتحليق،
واقتراحي لنيافة المطران مار بطرس قسيس ولمؤسسات الأبرشية كلها، لاعتبار كل من هاجر من الرعية، على انهم امتداد لكل مرعيث وللأبرشية الحلبية، ينبغي متابعتهم وعدم نسيانهم كي لا تترك أجيالهم تذوب جيلاً بعد جيل في بلدانهم وأوطانهم الجديدة.
وأخص هنا رعية كنيسة مار جرجس الذين غادروا الأرض في هجرة ثانية ووضعوا كنيستهم في قلوبهم كما كان أجدادهم الرهاويين فستبقى أنظارهم تناظر حي السريان وكنيسة مار جرجس، وهم يستحقون تشكيل “لجنة المغتربين” تتابعهم، تتواصل معهم، تحفظ بياناتهم، تعد الأنشطة والبرامج لهم، تقدم المساعدة والخدمات الإدارية لأسرهم ولأولادهم من بعدهم حين الحاجة، وتربط الشباب والشابات بالكنيسة الأم في حي السريان. وكما نفخر ونعتز بأننا أحفاد الرهاويين العظام، الذي حافظنا على إرثهم وتراثهم، سنورث لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا أننا سريان من حي السريان.

ريمون جرجي
النمسا/ فيينا

الحواشي

  1. الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هي كنيسة انطاكية. تأسست في فجر المسيحية، يوم كانت انطاكية عاصمة سورية وإحدى العواصم الثلاث في الدولة الرومانية. دخلت المسيحية مدينة انطاكية على يد بعض تلاميذ السيد المسيح الذين تشتتوا هاربين من اورشليم بسبب الاضطهاد الذي أثاره اليهود ضدهم بعد استشهاد اسطيفانس رئيس الشمامسة حوالي سنة 34 م.
  2. اختطف نيافته بتاريخ الإثنين 22 نيسان(أبريل) من العام 2013 على مدخل مدينة حلب قادماً من الريف الغربي للمدينة، طريق باب الهوى.
  3. لغاية تاريخ كتابة هذه السطور في الشهر السادس من العام 2023
  4. حينذاك كانت أبرشية حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس مكونة من رعيتين ومجلسين مليين هما مجلس الكاتدراـئية ومجلس مار جرجس وأضيف لهما مجلس رعية اللاذقية في عهد المعتمد البطريركي الراهب بطرس قسيس بعد انتفال عائلات عديدة للسكن في اللاذقية.
  5. في حوار سابق للكاتب مع نيافته خلال العام 2007 قبيل رسامته بطريركاً للسريان، وتجد مقاطع منه ضمن هذه الصفحات
  6. الرها مدينة تابعة لتركيا حاليا كانت عاصمة دولة الأباجرة وهي المدينة المباركة التي عاش فيها القديسين والآباء الكبار في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كمار أفرام ومار يعقوب الرهاوي وغيرهم والرها أو أورفا ينحدر منها أجداد الرهاويين السريان الذين طردوا منها وهجروا فوصل أغلبيتهم إلى حلب وسكنوا في حي أُطلق عليه لاحقاً اسم حي السريان نسبة لهم.
  7. المنظمة الدولية للهجرة هي منظمة حكومية دولية رائدة تعمل على تعزيز الهجرة الإنسانية والمنظمة لصالح الجميع وقد ساعدت الأسر السورية من كل الأطياف على تأمين تأشيرات السفر وقبول الدول لهم كمستقر جديد تأميناً لحياة آمنة بعيداً عن ظروف الحرب.
  8. مقابلة من إعداد الصحفي خضر عواركة كانت منشورة على قناة OTV اللبنانية العناوين
  9. حيث تسببت مؤامرات ودسائس خفية أدت إلى إقفال جميع أفران حي السريان الأخرى في أوقات متفرقة ولأسباب عديدة
  10. بيت حسدا: كلمة آرامية سريانية تعني بيت الرحمة أو بيت النعمة وهي اسم أطلقه المطران يوحنا إبراهيم على كتلة استثمارات مهمة أضيفت لأوقاف أبرشية حلب السريانية
  11. جدير بذكره أن مبادرة خيرية طُرحت من رجل أعمال حلبي هو نائب في مجلس الشعب لجلب 25000 ربطة خبز من أفران لبنانية الى حلب لتوزيعها مجاناً، وقد وعد النائب بتخصيص 1000 ربطة خبز لأهل الكنيسة في حي السريان لكن الشحنة كلها فُقدت وسرقت من قبل العصابات والحواجز غير النظامية أثناء طريقها (أذكرها هنا لأصف لكم كيف كانت تلك المرحلة الزمنية الصعبة التي عاشتها حلب).
  12. بسبب استيلاء المسلحين الإرهابيين على مستودعات شركة الكهرباء في منطقة عين التل ونهبهم لكل الموجودات فيها.
  13. شرط مرور عام على الدفن لأجل غايات صحية
  14. لم يخطر على بال أحد، لا نيافته ولا الشعب الحاضر بلحظتها بأنه سيتعرض إلى أكبر محنة في كل حياته وأصعب محنة في تاريخ كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في حلب ألا وهي خطفه وتغييبه بعد أسبوعين تقريباً
  15. الأمبير: مصطلح مشهور جداً في حلب ويقصد به الكهرباء المستجرة للمنازل بشكل خاص من أصحاب المولدات الذين يبيعون الكهرباء، والأمبير هو وحدة قياس شدة الكهرباء
  16. بطريريك السريان الأرثوذكس 1980-2014
  17. ويأتي بعد قداسته في المركز الثاني البطريرك مار أغناطيوس أفرام برصوم الأول حيث جلس 24 عاماً (1933-1957)
  18. القس صموئيل كوموش ألماني ينحدر من طور عبدين في تركيا هو صديق سيدنا المطران يوحنا إبراهيم ووجه إعلامي سرياني معروف، حيث قام بعد التنسيق مع أعضاء لجنة متابعة الأزمة لقضية سيدنا يوحنا كونه من ضمن فريق شُكل سريعاً من مجموعة دعيت أولاً ب”خلية الأزمة الخاصة” كما أطلق عليها أيضاً إعلامياً محبي نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم ، وستدعى لاحقاً باللجنة البطريركية لمتابعة قضية الخطف
  19. هو مستثمر نادي الحرية ومول المنشية آنئذ، وقد أراد صهر الرهاويين الأستاذ جورج دعم الشباب والمجتمع الرهاوي والمسيحي من التأقلم وتحمل الأيام الصعبة لأجل البقاء إلى جانب الكنيسة
  20. سبق أن تبرعت الجهة التي يمثلها الدكتور جاني حداد لحفر بئر في باحة المدرسة الملاصقة للكنيسة
  21. القاضي السابق الأستاذ حسين حمادة مستشار سابق في محكمة النقض بسوريا وهو صديق المطران يوحنا إبراهيم
  22. إصدار دار نون 4 عام 2020 صفحة 184
  23. مدرسة قرطبة الخاصة على طريق دارة عزة
  24. سيارة فيها المطران يوحنا وسيارة الأستاذ عبد الرحمن علاف
  25. للمفارقة في فترة الخطف كان المطران يوحنا إبراهيم عميد السلك المطراني في حلب لأنه كان الأقدم رسامة بين رؤساء الأبرشيات المسيحية الشقيقة في حلب، بينما كان سيادة المطران بولس يازجي هو آخر عنقود في سلسلة رؤساء الطوائف المسيحية في حلب
  26. تعليق من الكاتب هذه الجائزة لم تكن لتصدر إلا وفق فرضيات ومعلومات غير معلنة تتابعها وتخفيها الدبلوماسية الأميركية عن الإعلام.
  27. بينما لم ينتبه الخاطفون الذين صعدوا إلى الحافلة لتفتيشها وكانوا قوقازي السحنة إلى وجود الأب السالزياني “شربل دورة” معهم كونه لا يرتدي لباس الإكليروس عادة، وبلا لحية طويلة واكتفوا بإنزال رجلي الدين الذين ارتديا لباس الكهنوت الأسود الواضح، فنجا من الاختطاف. والأب شربل من منطقة مشتى الحلو، وهو الذي روى لي شخصياً هذه الواقعة، وللأسف تُوفي الأب شربل بعد سنوات في السودان خلال خدمته هناك)
  28. مار غريغوريوس يوحنا أبو الفرج، جمال الدين، المعروف بابن العبري
  29. تقع قلعة نجم الأثرية على الضفة الغربية لنهر الفرات إلى الشرق من بلدة منبج وتبعد 115 كم شمال شرق مدينة حلب سوريا.
  30. كتاب تاريخ الكنيسة السريانية الجزء الثالث الأب ألبير أبونا
  31. المرعيث كلمة سريانية وتعني الرعية المسيحية التي تنتسب لكنيسة ما
  32. خاصةً في ظرف انقطاع الطريق الدولي بين دمشق وحلب وحصار مدينة حلب وسيطرة المسلحين على الطرق العامة خارج خلب واستهداف رجال الدين المسيحيين كانت سبباً لإحجام البطريركية من إرسال مطران إلى حلب لإدارة شؤون الأبرشية حينها.
  33. يُقصد بالعلمانيين هنا بأنهم الأشخاص من خارج الإكليروس والغير مكرسين للخدمة الكهنوتية وإنما من الرعية الملتزمة بالكنيسة التي هي بالأساس جماعة المؤمنين
  34. لكل رعية مجلس ملي خاص يرأسه حتماً راعي الأبرشية أي المطران، ويكون نائبه من العلمانيين مع أعضاء للمجلس الملي لا يقل عددهم عن 6 ولا يزيدون عن 12 شخصاً من الرجال والنساء ولهم صلاحيات محددة، وقد تختلف تلك الصلاحيات من أبرشية إلى أخرى ولكن جميع الأنظمة يجب أن تكون مصدقة من قداسة البطريرك
  35. جرى نقل البيانات من السجلات إلى ملفات رقمية لاحقا
  36. تشمل البيانات هنا على خمسين عاماً وليس 55 عاماً كما جاء في بيانات الوفيات أعلاه فيرجى الانتباه!
  37. يقع موقع دير تلعدا في ناحية الدانا بمنطقة حارم في محافظة إدلب السورية
  38. القديس مار يعقوب الرهاوي ولد في قرية عندابا (عين الذئب) القريبة من عفرين، وتوفي في الخامس من حزيران يونيو سنة 708 وله علاقة مباشرة مع مرعيث حي السريان الرهاوي ومدرسة الرها وتراثها وكنيستها وتاريخها
  39. من كتاب ” قبول الآخر” للمطران يوحنا إبراهيم صفحة 212
  40. مدينة أورفا التركية هي مسقط رأس الرهاويين السريان الذي تم طرد وتهجير أجدادهم أيام المذابح العثمانية في أوائل القرن الماضي
  41. برو اورينتي مؤسسة مسيحية مركزها الرئيس في فيينا عاصمة النمسا معنية بالحوار المسيحي المسيحي تتبع لكاردينال النمسا، ولها إنجازات مهمة على صعيد التقارب بين الكنائس في العالم
  42. الفنان جوان قره جولي: من مواليد دمشق عام 1972، مدير عام مدارس الموسيقى 2005-2011 في وزارة الثقافة بدمشق ثم أصبح مديرا عاما لدار الأوبرا بدمشق 11 \ 2014 إلى 4 \ 2019
  43. البروفيسور يوسف. زيدان مفكر وروائي مصري حاصل على درجة الأستاذية في الفلسفة وتاريخ العلوم كان مديرا لمتحف المخطوطات بجامعة الإسكندرية، له عدد كبير من المؤلفات والروايات واسعة الانتشار باحث في التراث الإسلامي ومحقق لعدد كبير جدا من المخطوطات
  44. عزازيل تعني الشيطان وهي عنوان الرواية
  45. نفى البروفيسور يوسف زيدان. تماماً فرضية وجود مخطوطات سريانية من أصله خلال تواصل مباشر لكاتب هذه السطور معه
  46. المقصود هنا هي الكنيسة القبطية حيث تحدثت الرواية عن قتل البابا القديس كيرُلس الذي كان يلقب بعمود الدين بطريرك الإسكندرية الرابع والعشرين لدى الأقباط لأهم عالمة رياضيات في عصرها وهي هيباتيا
  47. رغم أن ما كُتب في محاضر المجالس الملية عموماً هو فقط توثيق لما جرى خلال الاجتماعات دون تناول تفاصيل الحياة الاجتماعية والحالة العامة للرعية في الحي.
  48. سجلات محاضر المجالس الملية المتعاقبة محفوظة في غرفة المجلس الملي في مرعيث كنيسة مار جرجس بحي السريان وهي تعد الوثائق الوحيدة التي سجلت وحفظت بالتاريخ الأسماء مواقف وأحداث الكنيسة والشعب في حي السريان منذ عام 1979 أما عن الأعوام السابقة فأعتقد أنها موجودة في أرشيف المطرانية
error: